المعنى الجملي
بعد أن أمر المؤمنين بترك المعاصي لأنها محبطة لثواب الأعمال الصالحة ، وأمرهم بالتشمير عن ساعد الجد للجهاد ومقاتلة الأعداء نصرة لدينه ، ووعدهم بأن الله ناصرهم وهم الأعلون ، فلا ينبغى لهم أن يطلبوا المهادنة من العدو خورا وجبنا خوفا على الحياة ولذاتها ـ أكد هذا المعنى فأبان أنه لا ينبغى لكم أيها المؤمنون الحرص على الدنيا ، فإنها ظل زائل ، وعرض غير باق ، وما هى إلا لذات مؤقتة لا تلبث أن تزول ، وهى مشغلة عن صالح الأعمال ، فلا يليق بكم أن تعضّوا عليها بالنواجذ ، بل اعملوا لما يرضى ربكم يؤتكم أجوركم وهو لا يسألكم من أموالكم إلا القليل النزر الذي فيه صلاح المجتمع للمعونة على القيام بالمرافق العامة ، دنيوية كانت أو دينية ، وهو عليم بأنكم أشحة على أموالكم ، فلو طلبها لبخلتم بها وظهرت أحقادكم على طالبيها ، والله قد طلب إليكم الإنفاق فى سبيله ، والقيام بما تحتاج إليه الدعوة ، فإن بخلتم فضرر ذلك عائد إليكم ، والله غنى عن معونتكم ، وإن أعرضتم عن الإيمان والتقوى يأت الله بخلق غيركم يقيمون دينه ، وينصرون الدعوة.
الإيضاح
(إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) يقول سبحانه حاضّا عباده المؤمنين على جهاد أعدائه والنفقة فى سبيله ، وبذل مهجتهم فى قتال أهل الكفر به : قاتلوا أيها المؤمنون أعداء الله وأعداءكم من أهل الكفر ، ولا تدعكم الرغبة فى الحياة إلى ترك قتالهم ، فإنما الحياة الدنيا لعب ولهو لا يلبث أن يضمحل ويذهب إلا ما كان منها من عمل فى سبيل الله وطلب رضاه.
ثم رغبهم فى العمل للآخرة فقال :
(وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ) أي وإن تؤمنوا