(وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ) إليكم من ربكم من الإنذار والإعذار ، لا أن آتى بالعذاب ، فليس ذلك من مقدورى ، بل هو من مقدورات ربى.
ثم بين لهم أنهم جاهلون بوظيفة الرسل فقال :
(وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ) أي وإنى لأعتقد فيكم الجهل ، ومن ثم بقيتم مصرّين على كفركم ، ولم تهتدوا بما جئتكم به ، بل اقترحتم علىّ ما ليس من شأن الرسل ، وهو الإتيان بالعذاب.
ثم ذكر مجىء العذاب إليهم وانتقامه منهم واستئصال شأفتهم فقال :
(فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا) أي فلما جاءهم عذاب الله الذي استعجلوه ، فرأوا سحابا يعرض فى أفق السماء متجها إلى أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا ، ظنا منهم أن غيثا قد أتاهم وفيه حياتهم.
روى أنه قد حبس عنهم المطر أياما ، فساق الله إليهم سحابة سوداء ، فخرجت عليهم من واد لهم يقال له المعتّب ، فلما رأوها تستقبل أوديتهم استبشروا بها خيرا.
ولما سمع هود مقالهم وشام العارض مليا قال :
(بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) من العذاب إذ قلتم «فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ».
ثم فسر هذا العارض وبين حقيقته فقال :
(رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ) أي بل هو ريح فيها عذاب يهلككم ويجعلكم كأمس الدابر.
ثم وصف هذه الريح فقال :
(تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها) أي تهلك كل شىء مرت به من نفوس عاد وأموالها بإذن ربها.
ونحو الآية قوله تعالى : «ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ» أي كالشىء البالي الخلق.