المنعم فى حالى وجودها وفقدها ، أما فى حال وجودها فواضح ، وأما فى حال فقدها فلأن التضرع جزعا إنما كان على الفقد الدالّ على الشغل عن المنعم بالنعمة.
الإيضاح
(لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) أي لا يمل الإنسان من دعائه ربه ومسألته إياه أن يؤتيه صحة وعافية وسعة فى الرزق ، فهو مهما أوتى من المال فهو لا يقنع ، وقد جاء فى الأثر «منهومان لا يشبعان : طالب علم وطالب مال» وجاء أيضا «لو كان لابن آدم واديان من ذهب لتمنى لهما ثالثا».
(وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) أي وإن أصابه بؤس وضيق فى المال أو ابتلى بمرض أنهك قواه واضمحلّ به جسمه ـ يئس من فضل الله ورحمته ، وظهر عليه سيمى الذل والانكسار ، والخنوع والخضوع.
وخلاصة ذلك ـ إن الإنسان متبدل الأحوال ، متغير الأطوار ، إن أحس بخير بطر وتعظم ، وإن شعر ببؤس ذل وخضع ، فهو شديد الحرص على الجمع ، شديد الجزع على الفقد.
ثم ذكر حال هذا اليئوس القنوط فقال :
(١) (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي) أي ولئن كشفنا ما أصابه من سقم فى نفسه أو شدة وجهد فى معيشته ، فوهبنا له العافية بعد السقم ، والغنى بعد الفقر ـ ليقولن هذا حقى قد وصل إلىّ ، لأنى أستوجبه بما حصل لى من ضروب الفضائل وأعمال البر والقرب من الله ، لا تفضل منه علىّ ـ أو لا يعلم أن هذه الفضائل لو وجدت فإنما هى بفضل الله وإحسانه ، وهو لا يستحق على الله شيئا؟
(٢) (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) أي وما أظن الساعة ستقوم ، فلا رجعة ولا حساب