الأداء والقضاء ، فبأن يكون عليه صلاة مغرب أداء وصلاة مغرب قضاء والمكلّف حين الفعل متفطّن لهما جميعا غير جاهل ولا غافل ، فإن كان بناء أمره على ترك القضاء والاقتصار على الأداء ، فهذا بعينه قصد التعيين.
وكذلك لو كان الأمر بالعكس ، وإن كان بناؤه على الإتيان بواحد من دون تعيين أنّه هو الأداء أو هو القضاء ، وأتى بثلاث ركعات مردّدة بينهما فلا يعد عرفا ممتثلا بهما جزما ، ولا بواحدة منهما كذلك ، لما ذكرنا من استحالة الترجيح.
وإن بنى على الإتيان بهما جميعا فعلى القول بوجوب تقديم القضاء فلا بدّ من قصد كون ما يفعله أوّلا هو القضاء ، وعلى القول بجواز التقديم والتأخير جميعا ، فلا بدّ من تعيين كلّ واحد منهما عند فعلها ، حتّى ينصرف الامتثال العرفي إليه البتّة ، لأنّه عند فعل كلّ واحدة وبعد فراغه عنها لا يتأتى أن يقال : امتثال هذا ، أو امتثل ذاك ، إذ يحتمل أن يكون جاهلا بجوازهما جميعا.
وعلى فرض العلم ، فيحتمل أن يعصي الله ، بأن يجعل الجميع أداء أو يجعل الكلّ قضاء ، أو لا يريد الامتثال في حكاية الوقت أصلا ، بأن يقول : وإن كان الله تعالى أراد منّي كون إحداهما في هذا الوقت بخصوصه ، والاخرى في أيّ وقت يتحقّق ، إلّا أنّي لا اطيع الله في ذلك ، فلا بدّ من التعيين لتحقّق الامتثال ، مضافا إلى أنّ الترجيح بلا مرجّح محال.
وإن تردّد أمره بين أن يكون الواقع عند الله مقدّما هو إحداهما ، فقصد ذلك كذلك ، بأن قصد في الأوّل ما هو المقدّم عند الله فهو أيضا قصد تعيين.
وعرفت أنّ الاحتمال كون ذلك مردّدا بين أمرين عند المكلّف كاف ، وإن لم يكن في الواقع كذلك ، وكذلك الحال في مثل الظهر والعصر ، إذ يمكن صدور العصر من المكلّف في وقت الظهر ، بأن بنى على عدم امتثال الظهر أصلا ، أو مقدّما على العصر ، إمّا لجهل المسألة ، لو فرض وجوده ، أو لعصيانه وعدم إطاعة الله تعالى في