وما أورد على المشهور بأنّهم يكتفون (١) في تطهير المحقون النجس الكثير الواسع بإلقاء كرّ واحد في طرف من أطرافه ، فتعيّن كون المطهّر للبواقي هو الاتّصال ، فاسد جدّا ، لعدم ظهور ذلك من كلامهم أصلا ورأسا ، بل صريح كلامهم وأدلّتهم تنادي بفساد نسبة ذلك إليهم ، وبالقطع بعدم رضائهم.
بل يعتبرون صريحا المزج العرفي ، ويشترطون جزما الاتّحاد العرفي وعدم الامتياز أصلا بحسب العرف ، كما ذكرنا عنهم ، وعلى تقدير التسليم لا يكون الحكم بالنقض والجدل بل بالأدلّة الشرعيّة.
فلعلّ ما ذكر صحّحه إجماع أو غيره ، مع أنّهم بأجمعهم صرّحوا بإلقاء الكرّ الطاهر على النجس دفعة ، واتّفقوا على ذلك وأمثاله من أحكامهم.
فلو كان مجرّد الاتّصال كافيا لكان الكلّ باطلا فاسدا ، ولكان مجرّد اتّصال الكرّ للنجس كافيا لتطهيره من دون حاجة إلى إلقاء شيء عليه زائدا على الاتّصال ، فضلا أن يشترطوا مع إلقاء الجميع الدفعة العرفيّة أيضا ، إلى غير ذلك.
الثالث : أن يتّصل المطهّر بالنجس من دون إلقاء ، وحكمه ظهر.
الرابع : أن يلقى فيه أقلّ الكرّ من الطاهر ، وظهر أنّه إنّما يصحّ ويطهر في الجاري ، بالنحو الذي ذكرت ، وكذلك فيما هو بحكم الجاري ، حتّى المحقون بالنحو الذي ذكرت.
وأمّا تطهير المتغيّر بالغور ثمّ العود ، فلأنّ العائد بحسب العرف غير الغائر ، بل لو شكّ في اتّحادهما لا يضرّ ، لأنّ الأصل طهارة الماء حتّى يحصل اليقين بالنجاسة ، ولا يحصل من جهة الاستصحاب ، لعدم معلوميّة اتّحادهما ، فاستصحاب نجاسة الأول لا يقتضي الحكم لنجاسة (٢) الثاني.
__________________
(١) في (د ١) و (ف) وبعض النسخ : بأنّكم تكتفون.
(٢) كذا ، والأصحّ : بنجاسة.