وفيه ، أنّ الأوّل قياس فاسد ومع الفارق ، لأنّ النجاسة في الأوّل تدفع ، وفي الثاني ترفع ، ولما سيجيء في بحث عدم طهارة القليل بإتمامه كرّا.
والثاني أيضا فاسد ، لأنّ عدم العلم بالمزج الحقيقي لا يقتضي الاكتفاء بمجرّد الاتّصال ، لاحتمال اشتراط المزج العرفي.
بل لا تأمّل في أنّ المكلّف مكلّف بالعرف والمتعارف لا بالحقيقة ، سيّما مع عدم إمكان العلم بها.
وبالجملة ، بعد ما لاحظ أهل العرف أنّ المطهّر لاقى نفس المتنجّس عندهم لا جرم يحكمون بأنّه طهّره ، بخلاف مجرّد الاتّصال الذي اعتبروه ، إذ القطع حاصل بعدم ملاقاة المطهّر للنجس أصلا فكيف يطهّره مع عدم ملاقاته إيّاه أصلا؟ وهو خلاف مطهّريّة الماء بالاستقراء.
وأمّا ما ذكر أخيرا ، فإنّما هو من الشيخ علي خاصة (١) ، فلو كان ظاهرا لما تركه المتقدّم عليه والمتأخّر عنه ، ومع ذلك لم نجد العموم الذي ادّعاه أصلا ، إذ الإجماع لا يدلّ عليه لو لم يدلّ على خلافه ، على حسب ما ظهر منهم اشتراط إلقاء الكرّ دفعة وغير ذلك ممّا ذكره الفقهاء.
وأمّا الأخبار ، فغاية ما ورد فيها الإطلاق ، وهو منصرف إلى الشائع ، والشائع هو ما إذا لاقى الطاهر نفس المتنجّس. بل لم يعهد غيره أصلا ، عن اتّصال سابق أو غيره ، مع أنّ قوله عليهالسلام : «ماء الحمّام كماء النهر يطهّر بعضه بعضا» (٢) ، ربّما يكون ظاهرا في خلاف ذلك ، سيّما مع اقتضاء اليقين بالنجاسة اليقين بخلافها.
هذا ، مع أنّ الاحتياط أيضا يقتضي عدم الاكتفاء.
__________________
(١) لم نعثر عليه في كتبه ولكن لاحظ! الحدائق الناضرة : ١ / ٣٣٥ ، للتوسع لاحظ! جواهر الكلام : ١ / ٣٠٥ و ٣٠٦.
(٢) الكافي : ٣ / ١٤ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ١ / ١٥٠ الحديث ٣٧٣.