(أَفَلا تُبْصِرُونَ؟) الشواهد المنصوبة الدالة على القدرة الكاملة ، فتعلموا بذلك أن العبادة لا تصلح إلا لمن أنعم عليكم بذلك دون غيره ، ومن له القدرة التي خالف بها بين الليل والنهار.
ثم بين أن المخالفة بينهما من فضله تعالى ورحمته فقال :
(وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) أي ومن رحمته بكم أيها الناس جعل لكم الليل والنهار ، وخالف بينهما ، فجعل الليل ظلاما لتستقروا فيه راحة لأبدانكم من تعب التصرف نهارا فى شئونكم المختلفة ، وجعل النهار ضياء لتتصرفوا فيه بأبصاركم لمعايشكم وابتغاء رزقه الذي قسمه بينكم بفضله.
(وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي ولتستعدوا لشكره على إنعامه عليكم ، وتخلصوا له الحمد ، لأنه لم يشركه فى إنعامه عليكم شريك ، ومن ثم ينبغى ألا يكون له شريك يحمد.
والخلاصة : إن الليل والنهار نعمتان تتعاقبان على مرّ الزمان ، والمرء فى حاجة إليهما ، إذ لا غنى له عن الكدح فى الحياة لتحصيل قوته ، ولا يتسنى له ذلك على الوجه المرضى لو لا ضوء النهار ، كما لا يكمل له السعى على الرزق إلا بعد الراحة والسكون بالليل ، ولا يقدر على شىء من ذلك إلا الله الواحد القهار.
وجاء تذييل الآيتين بقوله (أَفَلا تَسْمَعُونَ؟) ، (أَفَلا تُبْصِرُونَ؟) لبيان أنهم لما لم ينتفعوا بالسمع والبصر نزّلوا منزلة من لا يسمع ولا يبصر.
(وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٧٤) وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٧٥))