من بعد انطلاقك من بينهم ، وهم الذين خلفهم مع هرون اه. وهذه الفتنة وقعت لهم بعد خروج موسى بعشرين يوما.
(وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ) أي دعاهم إلى الضلال باتخاذ العجل والدعاء إلى عبادته ، وكان من قوم يعبدون البقر ، فدخل فى دين بنى إسرائيل فى الظاهر وفى قلبه حنين لعبادة البقر ، فأطاعه بعض وامتنع آخرون.
(فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً) أي فانصرف موسى إلى قومه بنى إسرائيل بعد انقضاء الليالى الأربعين ـ مغتاظا من قومه ، حزينا لما أحدثوا من بعده من الكفر بالله. روى أنه لما رجع موسى سمع الصياح والضجيج وكانوا يرقصون حول العجل فقال للسبعين الذين كانوا معه هذا صوت الفتنة.
قال القرطبي : سئل الإمام أبو بكر الطرشوشى عن جماعة يجتمعون ويكثرون من ذكر الله وذكر رسوله صلّى الله عليه وسلّم ، ثم إنهم يضربون بالقضيب على شىء من الطبل ويقوم بعضهم يرقص ويتواجد حتى يقع مغشيا عليه ، ويحضرون شيئا يأكلونه ، فهل الحضور معهم جائز أم لا؟ فأجاب : يرحمك الله ، مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة ، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلم ؛ وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار فقاموا يرقصون حوله ويتواجدون ، فهو دين الكفار وعبّاد العجل ؛ وأما الطبل فأول من اتخذه الزنادقة ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله ، وإنما كان مجلس النبي مع أصحابه ، كأنما على رءوسهم الطير من الوقار ، فينبغى للسطان أن يمنعهم من الحضور فى المساجد وغيرها ، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم أو يعينهم على باطلهم ، وهذا مذهب مالك وأبى حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة المسلمين اه.
(قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً) لا سبيل لكم إلى إنكاره ، فقد وعدكم بإنزال الكتاب الهادي إلى الشرائع والأحكام ، ووعدكم الثواب العظيم فى الآخرة