إليها الحق والعدل ، ويرغّبها فى الخير وعمل البر ابتغاء مرضاة الله لا للفخر والرياء ، وعلى الجهاد فى سبيل الله بالنفس والمال لإحقاق الحق وإبطال الباطل.
ثم بين سبحانه مراتب فضلهم إثر بيان عدم استوائهم هم والمشركين الظالمين فقال : (الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ) أي هم أعظم درجة وأعلى مقاما فى مراتب الفضل والكمال فى حكم الله وأكبر مثوبة من أهل سقاية الحاج وعمارة المسجد الذين رأى بعض المسلمين أن عملهم إياهما من أفضل القربات بعد الإسلام.
فالذين نالوا فضل الهجرة والجاد بنوعيه النفسي والمالى أعلى مرتبة وأعظم كرامة ممن لم يتصف بهما كائنا من كان ، ويدخل فى ذلك أهل السقاية والعمارة.
(وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) أي وأولئك المؤمنون المهاجرون المجاهدون هم الفائزون بمثوبة الله وكرامته دون من لم يكن مستجمعا لهذه الصفات الثلاث وإن سقى الحاج وعمر المسجد الحرام ، فإن ثواب المؤمن على هذين العملين دون ثوابه على الهجرة والجهاد ، ولا ثواب للكافر عليهما فى الآخرة ، فإن الكفر بالله ورسله واليوم الآخر يحبط الأعمال البدنية وإن فرض فيها حسن النية.
ثم فصل سبحانه ذلك الفوز العظيم وبينه بقوله : (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ. خالِدِينَ فِيها أَبَداً) أي يبشرهم ربهم فى كتابه على لسان رسوله ، وعلى لسان ملائكته حين الموت ، برحمة منه ورضوان كامل من لدنه لا يشو به سخط ، وجنات تجرى من تحتها الأنهار ، ولهم فيها نعيم مقيم لا يزول على عظمه وكماله حال كونهم خالدين فيها أبدا.
(إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) أي إن ما عند الله من الأجر على الإيمان وصالح العمل الذي من أشقه الهجرة والجهاد عظيم لا يقدر قدره إلا الله الذي تفضل به ومنحه لعباده المكرمين ، ولا سيما على الإيمان الكامل الباعث على هجر الوطن ومفارقة الأهل