الآية يقول : «ألا إن القوّة الرمي» قالها ثلاثا ، وذلك أن رمى العدو عن بعد بما يقتله أسلم من مصاولته على القرب بسيف أو رمح أو حربة أو نحو ذلك ، وهذا يشمل السهم وقذيفة المنجنيق والطيارة والمدفع والبندقية ونحوها ، فاللفظ يشملها وإن لم تكن معروفة فى عصره صلى الله عليه وسلم.
(٢) مرابطة الفرسان فى ثغور البلاد وحدودها ، إذ هى مداخل الأعداء ، ومواضع مهاجمتهم للبلاد.
والحكمة فى هذا أن يكون للأمة جند دائم مستعد للدفاع عنها إذا فجأها العدو على غرّة ، وقوام ذلك الفرسان لسرعة حركتهم وقدرتهم على القتال وإيصال الأخبار من الثغور إلى العواصم وسائر الأرجاء ، ومن أجل هذا عظم الشارع أمر الخيل وأمر بإكرامها ، ولا يزال للفرسان نصيب كبير فى الحرب فى هذا العصر الذي ارتقت فيه الفنون العسكرية فى الدول الحربية.
(تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) أي أعدوا لهم المستطاع من القوة الحربية ومن الفرسان المرابطة لترهبوا عدو الله الكافرين به وبما أنزله على رسوله وعدوكم الذين يتربصون بكم الدوائر ، إذ لا شىء يمنع الحرب إلا الاستعداد للحرب ، فالكفار إذا علموا استعداد المسلمين وتأهبهم للجهاد واستكمالهم لجميع الأسلحة والآلات خافوهم ، وإلى هذا يشير أبو تمام إذ يقول :
وأخافكم كى تغمدوا أسيافكم |
|
إن الدّم المغبّر يحرسه الدم |
وهذا الخوف يفيد المسلمين من وجوه :
(ا) يجعل أعداءهم لا يعينون عدوا آخر عليهم (ب) يجعلهم يؤدون الالتزامات المطلوبة منهم.
(ج) ربما حملهم ذلك على الدخول فى الإسلام والإيمان بالله ورسوله (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ) أي وترهبون به أناسا غير هؤلاء الأعداء المعروفين لكم ، وهم مشركو مكة ومن والاهم ممن يجمعون بين هاتين