يَسْخَرْ
قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ)
أي رجال من رجال ،
والقوم اسم يجمع الرجال والنساء ، وقد يختص بجمع الرجال ، كقول زهير :
وما أدري
وسوف إخال أدري
|
|
أقوم آل حصن
أم نساء
|
(عَسى
أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ
خَيْراً مِنْهُنَ)نزلت في امرأتين من أزواج النبيّ صلىاللهعليهوسلم سخرتا من أمّ سلمة ، وذلك أنّها ربطت خصريها بسبيبة ـ وهي
ثوب أبيض ومثلها السب ـ وسدلت طرفيها خلفها. فكانت تجرها.
فقالت عائشة
لحفصة : انظري ما تجرّ خلفها كأنّه لسان كلب. فهذا كان سخريتهما .
وقال أنس :
نزلت في نساء رسول الله صلىاللهعليهوسلم عيّرن أمّ سلمة بالقصر. ويقال : نزلت في عائشة ، أشارت
بيدها في أمّ سلمة أنّها قصيرة، وروى عكرمة ، عن ابن عبّاس أنّ صفية بنت حي بن
أخطب أتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالت : إنّ النساء يعيّرني فيقلن : يا يهودية بنت
يهوديين ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هلّا قلت : إنّ أبي هارون ، وابن عمّي موسى ، وإنّ
زوجي محمّد» [٧٠] ، فأنزل الله سبحانه هذه الآية.
(وَلا تَلْمِزُوا
أَنْفُسَكُمْ) أي لا يعيب بعضكم بعضا ، ولا يطعن بعضكم على بعض. وقيل :
اللمز العيب في المشهد ، والهمز في المغيب ، وقال محمّد بن يزيد : اللمز باللسان ،
والعين ، والإشارة ، والهمز لا يكون إلّا باللسان ، قال الشاعر :
إذا لقيتك عن
شحط تكاشرني
|
|
وإن تغيبت
كنت الهامز اللمزة
|
(وَلا
تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ)
قال أبو جبير بن
الضحّاك : فينا نزلت هذه الآية في بني سلمة ، قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، وما منّا رجل إلّا له اسمان أو ثلاثة ، فكان
إذا دعا الرجل الرجل باسم ، قلنا : يا رسول الله ، إنّه يغضب من هذا. فأنزل الله عزوجل : (وَلا تَنابَزُوا
بِالْأَلْقابِ).
قال قتادة ،
وعكرمة : هو قول الرجل للرجل : يا فاسق ، يا منافق ، يا كافر ، وقال الحسن : كان
اليهودي ، والنصراني يسلم ، فيقال له بعد إسلامه : يا يهودي ، يا نصراني ، فنهوا
عن ذلك ، وقال ابن عبّاس : التنابز بالألقاب أن يكون الرجل عمل السيّئات ، ثمّ تاب
منها ، وراجع الحقّ ، فنهى الله أن يعيّر بما سلف من عمله.
__________________