تُكَذِّبانِ * فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ) غاضات الأعين ، قد قصر طرفهن على أزواجهن فلا ينظرن الى غيرهم ولا يردن غيرهم ، قال ابن زيد : تقول لزوجها : وعزّة ربي ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك ، فالحمد لله الذي جعلك زوجي وجعلني زوجك. (لَمْ يَطْمِثْهُنَ) لم يجامعهنّ ولم يفترعهنّ ، وأصله من الدم ، ومنه قيل للحائض : طامث ، كأنه قال لم يدمهن بالجماع. (إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ). قال مجاهد : إذا جامع الرجل ولم يسمّ انطوى الجانّ على إحليله فجامع معه فذلك قوله سبحانه : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ) أي لم يجامعهن ، ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «إذا امرأة ماتت بجمع لم تطمث دخلت الجنة» (١) [١٧٥] وقال الشاعر :
دفعن اليّ لم يطمثن قبلي |
|
وهن أصح من بيض النعام (٢) |
قال سهل : من أمسك طرفه في الدنيا عن اللذات عوّض في الآخرة القاصرات ، وقال ارطأة بن المنذر سألت ضمرة بن حبيب : هل للجن من ثواب؟ قال : نعم ، وقرأ هذه الآية ، قال : فالإنسيّات للإنس والجنيّات للجنّ.
(كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) قال قتادة : صفاء الياقوت في بياض المرجان.
أخبرنا الحسن بن محمد قال : حدّثنا هارون بن محمد بن هارون قال : حدّثنا حازم بن يحيى الحلواني قال : حدّثنا سهل بن عثمان العسكري قال : حدّثنا عبيدة بن حميد عن عطاء بن السائب عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن المرأة من أهل الجنّة ليرى بياض ساقها من سبعين حلّة حتى يرى مخّها ، إن الله سبحانه وتعالى يقول : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا ثم استصفيته لرأيته من ورائه» [١٧٦] (٣).
وروى سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون قال : إن المرأة من الحور العين لتلبس سبعين حلّة فيرى مخّ ساقها من ورائها كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء (٤).
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ * هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) ، (هل) في كلام العرب على أربعة أوجه :
الأول : بمعنى (قد) كقوله : (هَلْ أَتى) (٥) و (هَلْ أَتاكَ) (٦).
__________________
(١) غريب الحديث : ١ / ١٢٥.
(٢) تفسير مجمع البيان : ٩ / ٣٤٥ ، تفسير القرطبي : ١٧ / ١٨١ وفيه : وقعن بدل دفعن ، لسان العرب : ٢ / ١٦٦ وفيه : فهنّ بدل وهنّ.
(٣) سنن الترمذي : ٤ / ٨٣ ج ٢٦٥٤.
(٤) المصدر السابق : ح ٢٦٥٧.
(٥) سورة الدهر : ١.
(٦) سورة الغاشية : ١.