وفي الحديث أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «فغشيها (١) رفرف من طير خضر» [١٢٧] (٢).
قال السدي : من الطيور فوقها ، وروى أنس عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : «انتهيت إلى السدرة وأنا لأعرف أنّها سدرة ، أعرف ورقها وثمرها ، وإذا ينعها مثل الجرار ، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة. فلمّا (٣) غشيها من أمر الله ما غشيها تحولت ياقوتا وزمردا حتى ما يستطيع أحد يصفها ، (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى)» [١٢٨] (٤).
قال ابن عباس : هي يمين العرش ، وهي منزلة الشهداء ، نظيره (فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى) وأخبرنا الحسن بن محمد قال : حدّثنا أبو عبد الله عمر بن أحمد بن محمد بن الحرث القضباني.
قال : حدّثنا علي بن العباس المقانعي ، قال : حدّثنا ميمون بن الأصبع ، قال : حدّثنا يحيى بن صالح الوحاطي قال : حدّثنا محمد بن سليمان بن حمزة البصري ، قال : حدّثنا عبد الله بن أبي قيس ، قال سمعت عبد الله بن الزبير يقرأ هذه الآية عِنْدَها جَنَّهُ بالهاء (الْمَأْوى) يعني جنّه المبيت ، وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا طلحة بن محمد وعبيد الله بن أحمد قالا : حدّثنا أبو بكر بن مجاهد ، قال : حدّثني أبو صدقة قال : حدّثنا أبو الأسباط قال : حدّثنا عبد الرّحمن عن علي بن القاسم الكندي عن موسى بن عبيدة ، قال : سمعت محمد بن كعب القرظي يقرأ جَنَّهُ الْمَأْوى وقال مجاهد : يريد أجنّه ، والهاء في هذه القراءة كناية عن النبي صلىاللهعليهوسلم.
قال أبو حاتم : وهي قراءة علي وأنس يعني ستره ، وقال الأخفش : أدركه.
(ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى) أي : ما جاور ما أمر به ، ولا مال عمّا قصد له.
(لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى) أي الآية الكبرى.
قال ابن مسعود : رأى رفرفا أخضر من الجنة قد سدّ الأفق ، وقال الضحاك : سدرة المنتهى ، وقال عبد الرّحمن بن يزيد ومقاتل بن حيان : رأى جبريل في صورته التي تكون في السماوات ، وقيل : المعراج ، وما أري تلك الليلة في مسراه في عوده وبدئه. دليله قوله سبحانه (لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى) ...
(أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ) قراءة العامة بتخفيف التاء ، وهي من (الله) ألحقت بها التاء فاثبت. كما قيل : عمر للذكر ، ثم قيل : للأنثى عمرة ، وكما قيل عباس وعباسة ، وكذلك سمّى المشركون أوثانهم بأسماء الله فقالوا : من الله (اللات) ، ومن العزيز (العزّى).
__________________
(١) في المصدر : يغشاها.
(٢) تفسير القرطبي : ١٧ / ٩٧.
(٣) في المخطوط : فما.
(٤) راجع جامع البيان للطبري : ٢٧ / ٧٢٠٧١ فالحديث ليس واحدا.