إنها سدرة في أصل العرش على رؤوس حملة العرش ، وإليها ينتهي علم الخلائق ، وما خلفها غيب لا يعلمه إلّا الله سبحانه.
وقال ابن مسعود : سمّيت بذلك ؛ لأنّه ينتهى إليها ما يهبط من فوقها وما يصعد من تحتها من أمر الله سبحانه وتعالى إذا انتهى من يصعد إليها من الأرض قبض منها ، وقيل : لأنّه ينتهى إليها ما عرج من أرواح المؤمنين ، وقيل : لأنّه ينتهي إليها كل من مات على سنّة رسول الله ومنهاجه.
روى الربيع عن أبي العالية عن أبي هريرة قال : لمّا أسري بالنبي «انتهى إلى السدرة ، فقيل له : هذه السدرة ينتهي إليها كل أحد خلا من أمتك على سنتك ، فإذا هي شجرة يخرج من أصلها (أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ) إلى قوله : (مُصَفًّى) ، وهي شجرة يسير الراكب في ظلّها سبعين عاما لا يقطعها ، والورقة منها مغطّية الأمة كلها.
وأخبرني ابن فنجويه ، قال : حدّثنا بن شيبة ، قال : حدّثنا التنوخي قال : حدّثنا عبيد بن يعيش ، قال : حدّثنا يونس بن بكير ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله ابن الزبير عن أبيه عن جدته أسماء بنت أبي بكر قال : سمعت النبي «يذكر سدرة المنتهى قال : «يسير الراكب في ظلّ الفنن منها مائة عام ، ويستظلّ في الفنن منها مائة راكب. فيها فراش من ذهب ، كأنّ ثمارها القلال» [١٢٥] (١).
وقال مقاتل : هي شجرة لو أنّ ورقة منها وضعت في الأرض لأضاءت لأهل الأرض ، تحمل الحليّ والحلل والثمار من جميع الألوان ، ولو أنّ رجلا ركب حقّة فطاف على ساقها ما بلغ المكان الذي ركب منه حتى يقتله الهرم ، وهي طوى التي ذكرها الله سبحانه في سورة الرعد ، وقد تقصيت وصفها في قصة المسرى.
(عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى)قال ابن مسعود وأصحابه : فراش من ذهب ، وهي رواية الضحاك عن ابن عباس ، ورفعه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم.
قال الحسن : غشيها نور ربّ العزة فاستنارت ، وقيل : الملائكة ، ويروى أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «رأيت على كلّ ورقة من ورقها ملكا قائما يسبّح الله عزوجل» (٢) [١٢٦] ، وروى الربيع عن أبي هريرة أو غيره قال : لمّا أسري بالنبي صلىاللهعليهوسلم انتهى إلى السدرة ، قال : فغشيها نور الخلائق وغشيها الملائكة من حب الله مثل الغربان حين يقعن على الشجر.
قال : فكلّمه عند ذلك وقال له : سل.
__________________
(١) سنن الترمذي : ٤ / ٨٦ بتفاوت يسير
(٢) جامع البيان للطبري : ٢٧ / ٧٥.