وأصل المور الاختلاف والاضطراب ، قال رؤبة :
مسودّة الأعضاد من وشم العرق |
|
مائرة الضبعين مصلات العنق |
أي مضطربة العضدين.
(وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) فتزول عن أماكنها وتصير هباء منبثّا.
(فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) وإنّما أدخل الفاء في قوله (فَوَيْلٌ) ؛ لأن في الكلام معنى المجاراة مجازه : إذا كان هذا (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ).
(الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ) باطل (يَلْعَبُونَ) غافلين جاهلين ساهين لاهين.
(يَوْمَ يُدَعُّونَ) يدفعون (إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) دفعا ويزعجون إليها إزعاجا ، وذلك أنّ خزنة النار يغلّون أيديهم إلى أعناقهم ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم ثم يدفعونهم إلى النار دفعا على وجوههم ، وتجافى أقفيتهم حتى يردوا النار.
وقرأ أبو رجاء العطاردي يوم يدعون إلى النار دعاء بالتخفيف من الدعاء. قالوا : فإذا دنوا من النار قالت لهم الخزنة : (هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ * أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ. اصْلَوْها) ادخلوها (فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فاكِهِينَ) ذوي (١) فاكهة كثيرة ، وفكهين : معجبين ناعمين.
(بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) ثم يقال لهم : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ) قد صفّ بعضها إلى بعض ، وقوبل بعضها ببعض (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ) قرأ أبو عمرو «وأتبعناهم» بالنون والألف «ذرياتهم» بالألف فيهما ، وكسر التائين لقوله : (أَلْحَقْنا) (... وَما أَلَتْناهُمْ) ليكون الكلام على نسق واحد ، وقرأ الآخرون (وَاتَّبَعَتْهُمْ) بالتاء من غير ألف ثم اختلفوا في قوله : (ذُرِّيَّتُهُمْ) ، وقرأ أهل المدينة الأولى بغير ألف وضم التاء ، والثانية بالألف وكسر التاء ، وقرأ أهل الشام بالألف فيهما وكسر تاء الثانية ، وهو اختيار يعقوب وأبي حاتم ، وقرأ الآخرون بغير ألف فيهما وفتح تاء الثانية ، وهو اختيار أبي عبيد.
واختلف المفسّرون في معنى الآية ، فقال قوم : معناها (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ) التي بلغت الإيمان (بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) الصغار الذين لم يبلغوا الإيمان ، وهو قول الضحّاك ورواية العوفي عن ابن عباس. فأخبر الله سبحانه وتعالى أنّه يجمع لعبده المؤمن ذرّيته في الجنة
__________________
(١) في المخطوط : ذوو.