انهم ينكرون خلافة الشيخين ، ويريدون أن يوقعوا في الدين الشين (١) والجواب انه لا ينكر استخلاف الشيخين (رض) ذو شعور ، ولا يرتاب فيه ذو وجدان ، وقد امتدت امارتهما من سنة ١١ إلى سنة ٢٣ وفتحت بها الفتوحات وضرب الدين فيها بجرانه ، على أن خلافتهما من الشؤون السياسية التي خرجت بانقضائها وتصرمها عن محل الابتلاء ، فأي وجه لتنافر المسلمين اليوم بسببها وأي ثمرة عملية تترتب فعلا على الاعتقاد بها.
فهلموا يا قومنا للنظر في سياستنا الحاضرة وعرجوا عما كان من شؤون السياسة الغابرة ، فان الأحوال حرجة والمآزق ضيقة لا يناسبها نبش الدفائن ولا يليق بها اثارة الضغائن ، وقد آن للمسلمين ان يلتفتوا إلى ما حل بهم من هذه المنابذات والمشاغبات التي غادرتهم طعمة الوحوش وفرائس الحشرات.
وأي وجه لتكفير المسلمين بانكار سياسة خالية وخلافة ماضية ؟ قد اجمع أهل القبلة على انها ليست من أصول الدين ، وتصافقوا على انها ليست مما بني الاسلام عليه ، ونحن نظرنا فيما صح عند أهل السنة عن رسول الله (ص) من تفسير معنى الاسلام والايمان فلم نجده (٢) مقيداً بها ، وتتبعنا الأمور التي جعلها (ص) سبباً في احترام الدماء والأعراض والأموال فلم تكن (٣) من جملتها ، واستقرأنا من نصوصه شرائط دخول الجنة فلم نجدها (٤) في زمرتها ، فأي مانع
__________________
(١) لم يأت بهذه الفقرة « اعني قوله ويريدون ان يوقعوا في الدين الشين » الا لمجرد السجع وال فقد عرفت انهم احوط الناس على الدين.
(٢) راجع الفصل ٣ المعقود لبيان معنى الاسلام من هذه الرسالة.
(٣) راجع الفصل ٣ المختص باحترام الموحدين من هذه الرسالة.
(٤) راجع الفصل ٥ المتعلق بنجاة الموحدين من هذه الرسالة.