وانت تعلم أن لا عين ولا أثر لهذه الكلمة فيما هو مأثور عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من كيفية الأذان ، فراجع ان شئت كتاب الأذان في الجزء الأول من صحيح البخاري ، وباب صفة الأذان وهو في أول كتاب الصلاة من صحيح مسلم ، تعلم حقيقة ما نقول.
وأيضاً ذكروا في أصل مشروعية الأذان (١) قضية تمنعها الامامية حاصلها أن عبد الله بن زيد بن ثعلبة الأنصاري رأى ليلة فيما يراه النائم شخصاً علمه الأذان والاقامة ، فلما انتبه قبل الفجر وقص الرؤيا على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمره أن يلقن بلالاً ما حفظه في تلك الرؤيا ، وأمر بلالاً أن ينادي به أول الفجر ، ففعلا ذلك وشرع الأذان بهذا الطيف فيما زعموا. ونحن نظرنا فيما نقلوه من تلقين عبد الله لبلال فلم نجد فيه مع كونه أذاناً للفجر « الصلاة خير من النوم » والأدلة على كون هذه الكلمة ليست من الله تعالى ولا من رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم كثيرة ، وما ذكرناه كاف لاثبات تأولهم في الأذان واف بمعذرة المتأولين في كل زمان.
ومنها تأولهم في اسقاط « حيَّ على خير العمل » من الأذان والاقامة ، وذلك أنهم كانوا يرغبون في إعلام العامة بأن خير العمل إنما هو الجهاد في سبيل الله ليشتاقوا اليه وتعكف هممهم عليه ، والنداء على الصلاة بخير العمل في كل يوم خمس مرات (٢) ينافي ذلك.
بل ربما رأوا ان في بقاء هذه الكلمة في الأذان والاقامة تثبيطاً للعامة عن
__________________
(١) ذكر هذه القضية مالك في موطأه على سبيل الاجمال ، وفصلها أكل من ابن عبد البر والزرقاني في شرحيهما ، وأوردها الحلبي في باب بدء الاذان ومشروعيته من الجزء الثاني من سيرته ، وكل من ذكر عبد الله بن زيد من أهل التراجم أشار إلى هذه القضية وربما سموه صاحب الاذان ، وأصحابنا ينكرونها ويعدونها من المحال.
(٢) بل كل مسلم ملتزم بالنسبة يقولها كل يوم عشر مرات.