تعالى (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) وهي إنما نزلت في ذبائح المشركين وما كانوا يذبحونها لأصنامهم ، وعلى هذا أكثر العلماء.
قال الشعبي وعطاء : في النصراني يذبح فيقول : باسم المسيح قالا : يحلّ. فإنّ الله عزوجل قد أحل ذبائحهم وهو أعلم بما يقولون.
وسأل الزهري ومكحول عن ذبائح عبدة أهل الكتاب ، [والمربيات] لكنائسهم وما ذبح لها فقالا : هي حلال ، وقرأ هذه الآية.
وقال الحسن والحرث العكلي : ما كنت أسأله عن ذبحه فإنه أحل الله لنا طعامه ، فإذا ذبح اليهودي والنصراني فذكر غير اسم الله وأنت تسمع فلا تأكله ، فإذا غاب عنك فكل ، فقد أحل الله لك [ما في] القرآن ، فذبح اليهود والنصارى ونحرهم مكروه.
قال علي رضياللهعنه : «لا يذبح ضحاياكم اليهود ولا النصارى ولا يذبح نسكك إلّا مسلم» (١) [٢٣].
قوله عزوجل (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) اختلف العلماء في معنى الآية وحكمها ، فقال قوم : عنى بالإحصان في هذه الآية الحرية وأجازوا نكاح كل حرّة ، مؤمنة كانت أو كتابية فاجرة كانت أو عفيفة وحرّموا إماء أهل الكتاب أن يتزوجهن المسلم بحال ، وهذا قول مجاهد وأكثر الفقهاء ، والدليل عليه قوله : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً) الآية ، فشرط في نكاح الإماء الإيمان.
وقال آخرون : إنما عنى الله تعالى بالمحصنات في هذه الآية ، العفائف من الفريقين إماءكنّ أو حرائر ، فأجازوا نكاح إماء أهل الكتاب بهذه الآية ، وحرّموا البغايا من المؤمنات والكتابيات ، وهذا قول أبي ميسرة والسّدي.
وقال الشعبي : إحصان اليهودية والنصرانية أن تغتسل من الجنابة ، وتحصن فرجها.
وقال الحسن : إذا رأى الرجل من امرأته فاحشة فاستيقن فإنه لا يمسكها ، ثم اختلفوا في الآية أهي عامة أم خاصة. فقال بعضهم : هي عامة في جميع الكتابيات حربيّة كانت أو ذميّة ، وهو قول سعيد بن المسيّب والحسن.
وقال بعضهم : هي الذميّات ، فإما الحربيات فإنّ نساءهم حرام على المسلمين ، وهو قول ابن عباس.
السدّي عن الحكم عن مقسم عنه قال : من نساء أهل الكتاب من تحلّ لنا ومنهم من لا
__________________
(١) السنن الكبرى : ٥ / ٢٣٩ قريب منه.