يدل عليه ما روى الشعبي عن عدي بن حاتم أنه سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن الصيد فقال : «إذا أرسلت كلبك فاذكر اسم الله عليه فإن أدركته لم يقتل ، فاذبح واذكر اسم الله عليه وإن أدركته قد قتل ولم يأكل فكل فقد أمسك عليك ، فإن وجدته قد أكل منه فلا تطعم منه شيئا ، فإنما أمسك على نفسه ، فإن خالط كلبك كلاب فقتلن ولم يأكلن فلا تأكل منه فإنك لا تدري أيّها قتل) (١). (وإذا رميت سهمك فاذكر اسم الله ، فإن أدركته فكل ، إلّا أن تجده وقع في ماء فمات فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك) فإن وجدته بعد ليلة أو ليلتين ولم تر فيه سهمك فإن شئت أن تأكل منه فكل» (٢) [٢١].
والقول الثاني : أنه يحلّ وإن أكل وهو قول سلمان الفارسي ، وسعد بن أبي وقّاص ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، قال حميد بن عبد الله وسعد ابن أبي وقّاص : لنا كلاب ضواري يأكلن ويبقين ، قال : كل وإن لم يبق إلّا نصفه أو ثلثيه فكل ميتة.
وروى ذلك عن النبي صلىاللهعليهوسلم ولا فرق في حمله على ما ذكرنا من الطيور والسباع المعلمة.
وروى أبو قلابة عن ثعلبة (٣) الخشني : أنه جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم قال : يا رسول الله إن أرضنا أرض صيد فأرسل سهمي وأذكر اسم الله وأرسل كلبي المعلم وأذكر اسم الله وأرسل كلبي الذي ليس معلم فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما حبس عليك سهمك ، وذكرت اسم الله [فكل] ، وما حبس عليك كلبك المعلم وذكرت اسم الله ، فكل وما حبس عليك كلبك الذي ليس معلم فأدركت ذكاته فكل وإن لم تدرك ذكاته فلا تأكل» (٤) [٢٢].
(وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) يعني الذبائح (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) يعني ذبائح اليهود والنصارى ، ومن دخل في دينهم من سائر الأمم قبل أن يبعث محمد صلىاللهعليهوسلم حلال لكم ، فمن دخل في دينهم بعد بعث النبي صلىاللهعليهوسلم فلا تحل ذبيحته ، فأما إذا سمّى أحدهم غير الله عند الذبح مثل قول النصارى : باسم المسيح ، اختلفوا فيه.
فقال ربيعة : سمعت ابن عمر يقول : لا تأكلوا ذبائح النصارى ، فإنهم يقولون : باسم المسيح ، فإنهم لا يستطيعون أن تهدوهم وقد ظلموا أنفسهم ، دليله قوله (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ).
والقول الثاني : إنّه يجوّز ذبيحتهم ، الكتابي ، وإن سمّي غير الله فإن هذا مستثنى من قوله
__________________
(١) سنن النسائي : ٧ / ١٧٩.
(٢) السنن الكبرى : ٩ / ٢٤٢ والمعجم الكبير : ١٧ / ٧٤ بتفاوت يسير.
(٣) في المصدر : عن أبي ثعلبة.
(٤) المعجم الكبير : ٢٢ / ٢٣١.