لآخر والبأساء من البؤس وهو الفقر والشدة ، والضراء كل ما يضر الإنسان من مرض أو فقد حبيب من أهل ومال ، صدقوا أي في دعوى الإيمان ، والتقوى هى الوقاية من سخط الله وغضبه بالبعد عن الآثام والذنوب
المعنى الجملي
لما أمر الله تعالى بتحويل القبلة عن بيت المقدس إلى الكعبة ، طال خوض أهل الكتاب في ذلك ، واحتدم الجدل بينهم وبين المسلمين حتى بلغ أشده ، وكانوا يرون أن الصلاة إلى غير قبلتهم لا يقبلها الله تعالى ، ولا يكون صاحبها متبعا دين الأنبياء ، كما كان المسلمون يرون أن الصلاة لا يرضى عنها الله إلا إدا كانت إلى المسجد الحرام قبلة إبراهيم أبي الأنبياء جميعا.
من قبل هذا بين الله في تلكم الآيات أن تولية الوجوه قبلة مخصوصة ليس هو البر المقصود من الدين ، لأنه إنما شرع لتذكير المصلى بأنه يناجى ربه ، ويدعوه وحده ، ويعرض عن كل ما سواه ، وليكون شعارا لاجتماع الأمة على مقصد واحد ، فيكون في ذلك تعويدهم الاتفاق في سائر شئونهم وأغراضهم وتوحيد جهودهم.
الإيضاح
(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) أي ليس توجيه الوجه إلى المشرق والمغرب لذاته نوعا من أنواع البر ، فهو في نفسه ليس عملا صالحا.
(وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ) أي ولكن البر هو الإيمان وما يتبعه من الأعمال باعتبار اتصاف البارّ بها وقيامه بعملها.
فالإيمان بالله أساس البر ، ولن يكون كذلك إلا إذا كان متمكنا من النفس