الإيضاح
(وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) أي وإذا طلقتم النساء فقار بن إتمام العدة ، فاعزموا أحد الأمرين ، إما إمساك المرأة بالمراجعة ، أو إطلاق سبيلها بالمعروف الذي شرع لكم في الآية : «الطَّلاقُ مَرَّتانِ».
وإنما فسرنا بلوغ الأجل بقرب إتمام العدة ، لأن الأجل إذا انقضى حقيقة لم يكن للزوج حق إمساكها بالمعروف ، إذ هى غير زوجة له ، وفي غير عدة منه.
ثم أكد الأمر بالإمساك بالمعروف ووضح معناه بقوله :
(وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا) أي ولا تراجعوهن مريدين مضارتهن وإيذاءهن بالحبس وتطويل العدة لتلجئوهن إلى افتداء أنفسهن كما كانوا يتعاطونه في الجاهلية ، روى ابن جرير عن ابن عباس قال : كان الرجل يطلق امرأته ، ثم يراجعها قبل انقضاء عدتها ، ثم يطلقها ، ثم يفعل ذلك ليضارّها ويعضلها فأنزل الله هذه الآية.
وعن السدى قال : نزلت في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن يسار طلق امرأته حتى انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة ، ثم راجعها ثم طلقها مضارة لها فأنزل الله تعالى : (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا).
(وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) أي ومن يفعل ذلك الإمساك المؤدى إلى الظلم فقد ظلم نفسه في الدنيا بسلوك طريق الشر وإقلاق راحة الضمير بالاعتداء ، وبمناصبة المرأة وأسرتها العداء فيتألبون عليه وينفرون منه حتى يوشك ألا يصاهره أحد ، كما ظلم نفسه في الآخرة بمخالفة أمر الله وتعرضه لسخطه.
(وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً) أي ولا تتهاونوا بحدود الله التي شرعها لكم في دينه جريا على سنن الجاهلية ، فإن التهاون بعد هذا البيان والتأكيد يعدّ استهزاء بها.
وفي هذا وعيد شديد وتهديد لمن يتعدى هذه الحدود ، وفيه حث للمسلمين على