(وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ) نزلت في يهود أهل المدينة حيث قالوا : (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) ، وفي نصارى نجران حيث قالوا : (الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) وفي مشركي العرب قالوا : الملائكة بنات الله.
(سُبْحانَهُ) نزّه وعظم نفسه.
(بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) عبيدا وملكا.
(كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) مجاهد وعطاء والسّدي : مطيعون دليله قوله تعالى (وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ) (١).
عكرمة ومقاتل ويمان : مقرون بالعبوديّة.
ابن كيسان : قائمون بالشهادة ، وأصل القنوت : القيام ، وسئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم أيّ الصّلاة أفضل؟ قال : «طول القنوت» [١٠١] (٢) ، وقيل : مصلّون دليله قوله (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ) (٣) وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مثل المجاهد في سبيل الله مثل القانت الصائم» [١٠٢]. أيّ المصلّي (٤).
وقيل : داعون. دليله قوله تعالى (قُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) (٥) واختلف العلماء في حكم هذه الآية فقال بعضهم : هو خاص ، ثمّ سلكوا في تخصيصه طريقين : أحدهما هو راجع إلى عزير والمسيح والملائكة ، وهو قول مقاتل ويمان.
القول الثاني قالوا : هو راجع إلى أهل طاعته دون النّاس أجمعين وهذا قول ابن عبّاس والفراء ، وقال بعضهم : هو عام في جميع الخلق ثمّ سلكوا في الكفّار الجاحدين طريقتين أحدهما : إنّ ظلالهم تسجد لله وتطيعه ، وهذا قول مجاهد دليله قوله عزوجل (يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ) (٦) الآية. قال الله تعالى (وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) (٧).
والثاني : هذا يوم القيامة قاله السدي وتصديقه قوله تعالى : (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) (٨).
(بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي مبتدعها ومنشئها من غير مثال سبق (وَإِذا قَضى أَمْراً) أي بيده وأراد خلقه وأصل القضاء إتمام الشيء وإحكامه.
قال أبو ذؤيب :
وعليهما مسرودتان قضاهما |
|
داود أو صنع السوابغ تبّع |
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٣٥.
(٢) مسند أحمد : ٣ / ٣٠٢ ، وسنن الدارمي : ١ / ٢٣٩ ح ٣٨٥.
(٣) سورة الزمر : ٩.
(٤) مسند أحمد : ٢ / ٤٣٨ ، ومجمع الزوائد : ٥ / ٢٧٥.
(٥) سورة البقرة : ٢٣٨.
(٦) سورة النحل : ٤٨.
(٧) سورة الرعد : ١٥.
(٨) سورة طه : ١١١.