(إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ثم كان خروجه من الجنّة بذنبه يدل أنه كان بقضاء الله وقدره.
ابن نجيح عن مجاهد في قوله : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) قال : علم من إبليس المعصية وخلقه لها.
ابن شهاب عن حميد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «احتج آدم وموسى. فقال له موسى : أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنّة. فقال له آدم : أنت موسى اصطفاك الله لرسالته وكلامه ، ثم تلومني على أمر قدّر قبل أن أخلق. فحج آدم موسى» [٨٠] (١).
فصل في معنى الخليفة
قيل : سأل أمير المؤمنين الخطاب ، طلحة والزبير وكعبا وسلمان : ما الخليفة من الملك؟ فقال طلحة والزبير : ما ندري. فقال سلمان : الخليفة الذي يعدل في الرّعية ويقسم بينهم بالسّويّة ويشفق عليهم شفقة الرّجل على أهله ويقضي بكتاب الله ، فقال كعب : ما كنت أحسب أن في المجلس أحدا يعرف الخليفة من الملك غيري ، ولكنّ الله عزوجل ملأ سلمان حكما وعلما وعدلا.
وروى زاذان عن سلمان : إنّ عمر قال له : أملك أنا أم خليفة؟ فقال سلمان : إن أنت جبيت من أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر ووضعته في غير حقّه فأنت ملك. قال : فاستعبر عمر رضياللهعنه.
وعن يونس : إنّ معاوية كان يقول إذا جلس على المنبر : أيّها الناس إنّ الخلافة ليست لجمع المال ولا تفريقه ، ولكنّ الخلافة بالحقّ والحكم بالعدل وأخذ الناس بأمر الله عزوجل.
(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) وذلك إنّ الله تعالى لمّا قال للملائكة : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) قالوا فيما بينهم : ليخلق ربّنا ما شاء فلن يخلق خلقا أفضل ولا أكرم عليه منّا ، وإن كان خيرا منّا فنحن أعلم منه لأنّا خلقنا قبله ورأينا ما لم يره ، فلما أعجبوا بعلمهم وعبادتهم ، فضّل الله تعالى عليهم آدم عليهالسلام بالعلم فعلّمه الأسماء كلّها وهذا معنى قول ابن عباس والحسن وقتادة.
واختلف العلماء في هذه الأسماء ، فقال الربيع وابن أنس : أسماء الملائكة ، وقال عبد الرحمن بن زيد : أسماء الذّرّية.
وقال ابن عبّاس ومجاهد وقتادة والضّحّاك : علّمه الله اسم كلّ شيء حتى القصعة والقصيعة.
__________________
(١) مسند أحمد : ٢ / ٢٦٤.