والوجه الثاني : تجعله في جملة المنسوخ كقولك : طردت الرّجل إذا نفيته وأطردته جعلته طريدا. قال الشاعر :
طردتني حسد الهجاء حيفاء |
|
واللّات والأصنام ما قالوا تنل |
أو ننسها (١) : فيه تسع قراءات :
قرأ سعيد بن المسيب وأبو جعفر وشيبة ونافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب : (نُنْسِها) بضمّ النون وكسر السّين. وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم أي : ننسها نسيا قاله أكثر المفسرين.
قال الحسن : هو ما أنسى الله رسوله صلىاللهعليهوسلم.
قال ابن عبّاس : أي نتركها ولا نبدّلها قال الله : (نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ) (٢) وقال الله تعالى : (كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) (٣). كلّ هذا من التّرك كانّه جعل أنسى ونسي بمعنى واحد.
قال الكلبي وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول : سمعت أبا منصور الأزهري يقول : معناه أو نأمر بتركها يقال أنسيت الشيء أي أمرت بتركه.
قال الشّاعر :
جرت عليّ قصة أقصيتها |
|
لست بناسيها مجمع ولا منسيها |
أي ولا آمر بتركها.
وقرأ أبي بن كعب : أو ننسيك.
وقرأ عبد الله : ننسيك من آية أو ننسخها.
قرأ سالم مولى حذيفة : أو ننسّكها.
وقرأ أبو رجاء : أو ننسّها بالتشديد ، وقرأ الضحّاك : أو نُنسَها بضم التاء وفتح السين على مجهول ، وقرأ سعد بن أبي وقّاص : أو تَنسها بتاء المفتوحة من النسيان ، وعن القاسم بن الربيع ابن فائق ؛ قال : سمعت سعد بن أبي وقاص يقول : بالنسخ من آية أو ننسها.
قال : فقلت له : إنّ سعيد بن المسيّب يقرأ : (نُنْسِها). قال : إنّ القرآن لم ينزل على آل المسيّب.
__________________
(١) في هامش المخطوطة : عن قلبك أي نتركها.
(٢) سورة التوبة : ٦٧.
(٣) سورة طه : ١٢٦.