فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩))
(وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) الآية ، وذلك أنّ الله أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة العجل ، فاختار سبعين رجلا من خيارهم ، وقال لهم : صوموا وتطهّروا وطهّروا ثيابكم ، ففعلوا ذلك ، فخرج بهم موسى الى طور سيناء لميقات ربّه ، فلمّا وصل ذلك الموضع قالوا : اطلب لنا نسمع كلام ربّنا ، فقال : أفعل ، فلمّا دنا موسى من الجبل وقع عليه عمود الغمام وتغشّى الجبل كلّه فدخل في الغمام وقال القوم : ادنوا ، وكان موسى إذا كلّمه ربّه وقع على وجهه نور ساطع لا يستطيع أحد من بني إسرائيل أن ينظر إليه ، فضرب دونه بالحجاب ودنا القوم حتى دخلوا في الغمام وخرّوا سجّدا ، وسمعوه وهو يكلّم موسى يأمره وينهاه ، وأسمعهم الله تعالى : إنّي أنا الله لا اله إلّا أنا ذو بكة أخرجتكم من أرض مصر فاعبدوني ولا تعبدوا غيري.
فلمّا فرغ موسى وانكشف الغمام أقبل إليهم ، فقالوا له : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ) وهي نار جاءت من السماء فأحرقتهم جميعا.
وقال وهب : أرسل الله عزوجل عليهم جندا من السماء فلما سمعوا بحسّها ماتوا يوما وليلة. والصاعقة : المهلكة ، فذلك قوله : (وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ) لن نصدّقك (حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) (١).
قرأه العامّة بجزم الهاء ، وقرأ ابن عباس : (جَهَرَةً) بفتح الهاء وهما لغتان مثل زهره وزهره.
(جَهْرَةً) أي معاينة بلا ساتر بيننا وبينه ، وأصل الجهر من الكشف.
قال الشاعر :
يجهر أجواف المياه السّدم (٢) |
|
[وانتحابها على الحان] |
(فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ) قرأ عمر وعثمان وعلي (رضياللهعنهم) : (الصعقة) بغير ألف ، وقرأ الباقون (الصَّاعِقَةُ) بالألف وهما لغتان.
(وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ) وذلك أنهم لما هلكوا جعل [موسى] (٣) يبكي
__________________
(١) بتفاوت في قصص الأنبياء لابن كثير : ٢ / ١٢٦.
(٢) سيرة النبي صلىاللهعليهوسلم ـ ابن هشام الحميري ـ : ٢ / ٣٧٧ ، والسدم : الندم.
(٣) سقطت في أصل المخطوط والظاهر ما أثبتناه.