وقيل : إنه من شاط والنون فيه غير أصلية [ونودي] شيطان سمّي بذلك لتمرّده وبعده عن الخير وعن رحمة الله تعالى.
(عَنْها) عن الجنة وقيل عن الطاعة.
(فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ) من النعيم ، وذلك إن إبليس أراد أن يدخل الجنّة ويوسوس لآدم ولحواء فمنعته الخزنة ، فأتى الحيّة وكانت من أحسن الدّواب لها أربع قوائم كقوائم البعير وكان من خزّان الجنّة وكان لإبليس صديقا ، فسألها أن تدخله في فمها فأدخلته في فمها ومرّت به على الخزنة وهم لا يعلمون فأدخلته الجنة ، وكان آدم لما دخل الجنة ورأى ما فيها من النعيم والكرامة قال : لو أن خلدا ، فاغتنم الشيطان ذلك منه وأتاه من قبل الخلد ، ولما دخل الجنة وقف بين يدي آدم وحوّاء لا يعلمان إنه إبليس ، فناح عليهما نياحة أحزنهما وبكى وهو أوّل من ناح فقالا لم تبكي قال : أبكي عليكما تموتان فتفارقان ما أنتما فيه من النعيم والكرامة ، فوقع ذلك في أنفسهما واغتمّا ، ومضى ثم أتاهما بعد ذلك وقال : (يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى) (١) ، فأبى أن يقبل منه فقاسمهما بالله إنه لهما (لَمِنَ النَّاصِحِينَ) ، فاغترّا وما كانا يظنّان أنّ أحدا يحلف بالله كاذبا ، فبادرت حوّاء الى أكل الشجرة ثم ناولت آدم حتى أكلها.
وروى محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قسط قال : سمعت سعيد بن المسيّب يحلف بالله ما يستثني : ما أكل آدم من الشجرة وهو يعقل ولكن حوّاء سقته الخمر حتى إذا سكر قادته إليها فأكل ، فلمّا أكلا تهافتت عنهما ثيابهما وبدت سوءاتهما وأخرجا من الجنة ، وذلك قوله تعالى : (وَقُلْنَا) يعني لآدم وحوّاء وإبليس والحية (اهْبِطُوا) أي أنزلوا الى الأرض (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) فهبط آدم بسرنديب من أرض الهند على جبل يقال له نودة ، وقيل : واشم ، وحوّاء بجدّة ، وإبليس بالأبلّة وقيل بميسان ، والحيّة بأصفهان.
(وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ) بلغة ومستمتع.
(إِلى حِينٍ) الى حين اقتضاء آجالكم ومنتهى أعماركم.
وعن إبراهيم بن الأشعث قال : سمعت إبراهيم بن أدهم : أورثتنا تلك الأكلة حزنا طويلا.
(فَتَلَقَّى) فلقّن. (آدَمُ) حفّظ حين لقّن ، وأفهم حين ألهم.
وقرأ العامّة : (آدَمُ) برفع الميم ، (كَلِماتٍ) بخفض التّاء.
وقرأ ابن كثير : بنصب الميم ، بمعنى جاءت الكلمات لآدم عليهالسلام.
(مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) كانت سبب قبول توبته ، واختلفوا في تلك الكلمات :
__________________
(١) سورة طه : ١٢٠.