وفي بعض الروايات عن ابن عباس : (الألف) الله ، و (اللام) جبرئيل ، أقسم الله بهم إنّ هذا الكتاب (لا رَيْبَ فِيهِ) ، ويحتمل أن يكون معناه على هذا التأويل : أنزل الله هذا الكتاب على لسان جبريل إلى محمد صلىاللهعليهوسلم.
وقال أهل الإشارة : (ألف) : أنا ، (لام) : لي ، (ميم) : منّي.
وعن علي بن موسى الرضا عن جعفر الصادق ، وقد سئل عن قوله : (الم) فقال : في الألف ست صفات من صفات الله : الابتداء ؛ لأنّ الله تعالى ابتدأ جميع الخلق ، و (الألف).
ابتداء الحروف ، والاستواء : فهو عادل غير جائر ، و (الألف) مستو في ذاته ، والانفراد : والله فرد والألف فرد ، واتصال الخلق بالله ، والله لا يتصل بالخلق ، فهم يحتاجون إليه وله غنى عنهم.
وكذلك الألف لا يتصل بحرف ، فالحروف متصلة : وهو منقطع عن غيره ، والله باين بجميع صفاته من خلقه ، ومعناه من الألفة ، فكما أنّ الله سبب إلفة الخلق ، فكذلك الألف عليه تألفت الحروف وهو سبب إلفتها.
وقالت الحكماء : عجز عقول الخلق في ابتداء خطابه ، وهو محل الفهم ، ليعلموا أن لا سبيل لأحد إلى معرفة حقائق خطابه إلّا بعلمهم ، فالعجز عن معرفة الله حقيقة خطابه.
وأما محل (الم) من الإعراب فرفع بالابتداء وخبره فيما بعده.
وقيل : (الم) ابتداء ، و (ذلِكَ) ابتداء آخر و (الْكِتابُ) خبره ، وجملة الكلام خبر الابتداء الأول.
(ذلِكَ) : قرأت العامة (ذلِكَ) بفتح الذال ، وكذلك هذه وهاتان ، وأجاز أبو عمرو الإمالة في هذه ، (ذ) للاسم ، واللام عماد ، والكاف خطاب ، وهو إشارة إلى الغائب.
و (الْكِتابُ) : بمعنى المكتوب كالحساب والعماد.
قال الشاعر :
بشرت عيالي إذ رأيت صحيفة |
|
أتتك من الحجج تتلى كتابها (١) |
أو مكتوبها ، فوضع المصدر موضع الاسم ، كما يقال للمخلوق خلق ، وللمصور تصوير ، وقال : دراهم من ضرب الأمير ، أي هي مضروبة ، وأصله من الكتب ، وهو ضم الحروف بعضها إلى بعض ، مأخوذ من قولهم : كتب الخرز ، إذا خرزته قسمين ، ويقال للخرز كتبة وجمعها كتب.
قال ذو المرّجة :
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ٣ / ٣٤١.