وأدوات يقلّبها ، ومعرفة يفرق بها بين الحقّ والباطل والأذواق والمشامّ ، والألوان والأجناس ، معجونا بطينة الألوان المختلفة (١) والأشباه المؤتلفة ، والأضداد المتعادية والأخلاط المتباينة ، من الحرّ والبرد ، والبلّة والجمود ، واستأدى اللّه سبحانه الملائكة وديعته لديهم (٢) وعهد وصيّته إليهم ، فى الإذعان بالسّجود له ، والخشوع لتكرمته ، فقال سبحانه : «اُسْجُدُوا لِآدَمَ» فسجدوا إلاّ إبليس اعترته الحميّة وغلبت عليه الشّقوة (٣) وتعزّز بخلقة النّار واستهون خلق الصّلصال ، فأعطاه اللّه النّظرة استحقاقا للسّخطة ، واستتماما
__________________
فى شؤونك كلها ، والأدوات : جمع أداة ، وهى الآلة ، وتقليبها : تحريكها فى العمل بها فيما خلقت له.
(١) معجونا صفة «إنسانا» ، والألوان المختلفة : الضروب والفنون ، وتلك الألوان هى التى ذكره من الحر والبرد والبلة والجمود.
(٢) استأدى الملائكة وديعته : طلب منهم أداءها ، والوديعة هى عهده إليهم بقوله : «إِنِّي خٰالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذٰا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سٰاجِدِينَ» ويروى الخنوع بالنون بدل الخشوع وهو بمعنى الخضوع. وقوله «فقال اسجدوا الخ» عطف على استأدى.
(٣) الشقوة ـ بكسر الشين وفتحها ـ ما حتم عليه من الشقاء. والشقاء : ضد السعادة ، وهو النصب الدائم والألم الملازم ، وتعززه بخلقة النار : استكباره مقدار نفسه بسبب أنه خلق من جوهر لطيف ومادة أعلى من مادة الصلصال ، والصلصال : الطين الحر خلط بالرمل ، أو الطين ما لم يجعل خزفا. والمراد من الصلصال هنا مادة الأرض التى خلق آدم عليه السلام منها ، وجوهر ما خلق منه الجن ـ وهم من الجواهر اللطيفة ـ أعلى من جوهر ما خلق منه الانسان ، وهو مجبول من عناصر الارض ، والنظرة ـ بفتح فكسر ـ : الانتظار به حيا ، ما دام الانسان عامرا