١ ـ أهمية الصورة الفنية
تنشأ أهمية الصورة الفنية من خلال معركة
النقاد والبلاغيين في الفصل بين اللفظ والمعنى ، فاللفظ هو الصياغة الشكلية
والهيكل التركيبي في العمل الادبي ، والمعنى هو الفكرة المجردة التي تفي بالغرض.
وقد أوجد هذا الفصل تقسيماً ظاهراً في
النص الأدبي وجعله ذا دلالتين : خارجية تتصل بالشكل ، وداخلية تقترن بالمضمون.
ولعل المطور لهذا الفصل هو المذهب
المعتزلي في فهمه للنص القرآني ، فهو ذو بعدين : البعد الأول ، يتمثل بالفن القولي
في دلالته المحسوسة من اللفظ التي تتشكل بكل صنوف التعابير المجازية والمحسنات
البديعية. والبعد الثاني ، ويتمثل بالمعنى الذهني المجرد الذي يترصده المتلقى في
النفس من خلال معنى ذلك اللفظ ، فهما ـ إذن ـ شيئان مستقلان ، ليخلصوا من وراء هذا
إلى القول بأن هذه الاشكال عارضة متغيرة فهي محدثة. وأن القرآن إنما هو المعنى
لاتصاله بذات الخالق ، وذات الخالق قديمة ، فالقرآن ليس بقديم ، لأنه خلاف ذاته
تعالى . بل هو من
خلقه وصنعته ، فهو محدث. إذن : اللفظ والمعنى في القرآن محدثان ، ولا علاقة لهما
بالقدم ، وكان هذا بداية للبحث عن الألفاظ مرة ، وعن المعاني مرة أخرى. ثم تبلورت
الفكرة أكثر فأكثر فعاد المحفز لها هو القول بإعجاز القرآن ، وأين يكمن هذا
الإعجاز ، أفي لفظه ، أم في معناه ، أم في العلاقة القائمة بين اللفظ والمعنى ،
فذهب عبد القاهر الجرجاني ـ