والظل إزاء الحرور ، والأحياء قبل الأموات ، وإن الله يسمع من يشاء مقابل وما أنت بمسمع من في القبور.
وقد اعتبر ابن الزملكاني الجزء الأخير منه في الإفراط في التنزيل والغاية في التحقير (١).
ثانياً : في استعمال اللفظ للتعريض وفي الكناية خرج البلاغي دلالة هامشية بمثل هذه التخريجات.
آ ـ الكلمة « قرية » في قوله تعالى :
( وضرب الله مثلا قرية كانت ءامنة ... ) (٢) وقد استعمل فيها اللحن وهو « التعريض بالشيء من غير تصريح ، أو الكناية عنه بغيره » (٣). فقد عرض الله بأهل مكة وما يصيبهم من العذاب شأن الأمم السابقة ، ولم يصرح بذلك كما هي عادته في هذا المجال ، وإنما يشير إلى ذلك لحناً صوراً وبالرمز صور أخر ، كما عرض بالمنافقين وذكر أوصافهم في ألفاظ مخصوصة بهم ، ولكنه أمسك عن ذكر أسمائهم إبقاء عليهم وتألفا لقلوبهم.
ب ـ وفي استعمال الكلمة « امرأة » بالنسبة لامرأة نوح وامرأة لوط في قوله تعالى :
( ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط ... ) (٤) دلالة هامشية حملها الزمخشري على التعريض بقوله :
وفي طي هذين التمثيلين تعريض بأمي المؤمنين المذكورتين في أول السورة ( عائشة وحفصة ) وما فرط منهما من التظاهر على رسول الله (ص) بما كرهه ، وتحذير لهما على أغلظ وجه وأشده .... وأن لا تتكلا على أنهما زوجا رسول الله ، فإن ذلك الفضل لا ينقصهما إلا مع كونهما مخلصتين. وأسرار التنزيل ورموزه في كل باب بالغة من الطف الخفاء حداً يدق عن تفطن العالم ويزل عن تبصره » (٥).
__________________
(١) ابن الزملكاني ، البرهان : ٣١٠.
(٢) النحل : ١١٢.
(٣) قدامة بن جعفر ، نقد النثر : ٥٠.
(٤) التحريم : ١٠.
(٥) الزمخشري ، الكشاف : ٤/٥٧١.