ناظر إلا لحروف الالفاظ ، وكيف قد كونت حروف الهجاء.
ب ـ والنحوي ينظر إلى اللفظ من زاويته من زاويته الخاصة ، فاستعمال ( الذي ) بدل ( الذين ) في قوله تعالى : ( مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً ) (١) يقوم بتوجيه الفراء نحوياً فيقول :
« إنما ضرب المثل للفعل ، لا لأعيان القوم ، وإنما هو مثل للنفاق ، فقال : مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً ، ولم يقل : الذين استوقدوا » (٢) فالفراء قد افاد من اللفظ ما يفيده النحوي في التخريجات ووجه علة تصحيح النصوص أداء ، فحمل صيغة العدول عن الجمع إلى المفرد ، على العدول من أعيان المنافقين وهم جمع ، إلى النفاق وهو مفرد ، لأن الحديث منصب على النفاق لا الأشخاص ، أما حينما أراد المثل الحديث عن المنافقين بالذات وهم جمع أشار إليهم بالجمع فقال ( ذهب الله بنورهم ) (٣).
جـ ـ والمنطقي كسابقيه اللغوي والنحوي ، إنما ينظر إلى اللفظ من وجهة نظره المحدد بين التصور والتصديق ، فيستفيد من كلمة « حبة » مضمومة إلى كيفيتها في الإنبات بقوله تعالى :
( كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ... ) (٤) بأنه « لا يلزم أن توجد حبة بهذه الصفة. إنما المقصود تصوير زيادة الأجر لا غير ، فإن وجدت صورة توافق المذكور في أكثر الخصوصيات أو كلها كان من قبيل لزوم ما لا يلزم » (٥) وقد عقب الطبرسي على السنبلة من نفس الآية ، وعلل تصورها بالفهم نفسه فقال :
« متى قيل : هل رؤي في سنبلة مئة حبة حتى يضرب المثل بها ، فجوابه أن ذلك متصور وإن لم ير ، كقول امرئ القيس :
__________________
(١) البقرة : ١٧.
(٢) ابن ناقيا ، الاجمال في تشبيهات القرآن : ٥٦.
(٣) البقرة : ١٧.
(٤) البقرة : ٢٦١.
(٥) الهلوي ، الفوز الكبير في أصول التفسير : ٢٩.