( كمثل صفوان عليه تراب ... )(١)
وتعطي صورة الحجر المتكلس الذي يجتمع من ذرات غير قابلة للانفصال يتماسك ويتوافر بعد أن يخالطه التراب المهيل من هنا وهناك ، فبعبارة تقاطر المطر وتدافع السيول ، بدلاً من أن يهش ويلين ويتفتت وإذا به يعود كتلة حجرية واحدة ، صلباً لا ينفذ ، ومتحجراً لا ينفذ ، فإذا طالعتنا اللغة بأنه : « الحجر الأملس » (٢) اتضح مدلول الكلمة في عمقها عدم ثبات شيء عليها.
ثانياً : والكلمة « وابل » من الآية نفسها ( فأصابه وابل ... ) (٣)
تدل لغوياً ، على الغيث المنهمر ، والمطر المتدافع ، وتلمح مجازاً إلى الجود المتناهي في العطاء فهل يا ترى أن سيؤدي معناها بضم هذه الصفات جميعاً لغظ سواها ، قد يؤدي معناها بعدة كلمات وإذا تم هذا فهو يعني الخروج عن الإيجاز المتوافر في وابل إلى الأطناب الذي لا مسوغ له في عدة ألفاظ أخر.
ثالثاً : والكلمة « لا يقدرون ».
بضمها إلى « ما كسبوا » في قوله تعالى :
( لا يقدرون على شيء مما كسبوا ) (٤) فيها من الدلالة على ما يلي :
تصوير لحالة الحرمان ، وإيذان بحلول الفقر ، فلا المال المجموع بنافع ، ولا الآمال الموهومة بمتحققة ، يأس وادقاع مادي من تلك الأموال ، وفقر معنوي من تلك الآمال سواء في الجزاء أو في الثواب الذين توهموا حصولهما ، وعي متواصل يصلب القدرة والكسب معاً ، وهذا إنما يتأتى فهمه بحسب العرف العام في تبادره لفهم معاني الألفاظ عند إطلاقها.
__________________
(١) البقرة : ٢٦٤.
(٢) الطريحي ، مجمع البحرين ١/٢٦٤.
(٣) (٤) البقرة : ٢٦٤.