وذكر أبو هلال العسكري ( ت ٣٩٥ هـ
تقريباً ) الصورة في أقسام التشبيه فجعل من أقسامه : تشبيه الشيء صورة ، وتشبيهه
به لوناً وصورة اراد بهما المثال والهيكل.
وجاء عبد القاهر الجرجاني ( ت ٤٧١ هـ )
فأعطى للصورة في المجالات النقدية حلولاً خاصة شرحها بقوله :
واعلم أن قولنا : الصورة إنما هو تمثيل
وقياس لما نعلمه بعقولنا على الذي نراه بأبصارنا فما رأينا البينونة بين أحاد
الأجناس تكون من جهة الصورة ، فكان بين إنسان من إنسان ، وفرس من فرس ، بخصوصية تكون
في صورة هذا لا تكون في صورة ذاك ، وكذلك الأمر في المصنوعات فكان بين خاتم من
خاتم ، سواراً من سوار بذلك ، ثم وجدنا بين المعنى في أحد البيتين وبينه في الآخر
بينونة في عقولنا وفرقاً ، عبرنا عن ذلك الفرق وتلك البينونة بأن قلنا :
المعنى في هذا صورة غير صورته في ذلك.
وليس العبارة عن ذلك بالصورة شيئاً نحن ابتدأناه فينكره منكر ، بل هو مستعمل مشهور
في كلام العلماء ، ويكفيك قول الجاحظ :
وإنما الشعر صناعة وضرب من التصوير .
واطلق ابن الأثير ( ت ٦٣٧ هـ ) كلمة
الصورة على خصوص الأمر المحسوس ، وقابل بينهما وبين المعنى ، فقال ـ وهو يعدد
أقسام التشبيه الأربعة : « أما تشبيه معنى بمعنى.. وأما تشبيه صورة بصورة كقوله
تعالى : ( وعندهم
قاصرات الطرف عين كأنهن بيض مكنون )
، وأما تشبيه معنى بصورة كقوله تعالى : ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة )
وهذا القسم
أبلغ الأقسام الاربعة ، لتمثيله المعاني الموهومة بالصور المشاهدة ، وأما تشبيه
صورة بمعنى كقول أبي تمام :
وفتكت بالمال الجزيل وبالعدا
|
|
فتك الصبابة بالمحب المغرم
|