٢
ـ الصورة في اصطلاح النقاد القدامى
ورد ذكر الصورة وبعض مشتقاتها على ألسنة
بعض النقاد القدامى ، وأقدم من وقفنا على قول له في هذا الشأن هو أبو عثمان الجاحظ
( ت ٢٥٥ هـ ) الذي استعمل مادة الصورة في مجال الأدب بهيئة أخرى فقال ـ ( هو يتحدث
عن الشعر ) ـ بأنه : ضرب من النسج ، وجنس من التصوير . وكأنه أراد بالتصوير هنا العملية
الذهنية التي تصنع الشعر.
إلا أن قدامة بن جعفر ( ت ٣٣٧ هـ ) قد
استعملها نصاً ، واعتبرها الهيكل والشكل في مقابل المادة والمضمون ، فقال ـ
متحدثاً عن الشعر ـ « معاني بمنزلة المادة الموضوعة ، والشعر فيها كالصورة ، كما
يوجد في كل صناعة من أنه لا بدّ فيها من شيء موضوع يقبل تأثير الصور » . فهو ينأى بها عن فهم الجاحظ لها ،
فالجاحظ يذهب ـ في حدود فهمنا لكلامه ـ إلى أنها العملية الذهنية التي تهيئ النص
الشعري ، بينما يرى قدامة فيها الإطار الخارجي العام لشكل هذا الشعر.