وهو من أئمة
الأشاعرة ـ إلى القول بالعلاقة بينهما ، ومن ثم جرد اللفظ قالباً ، والمعنى ذهناً
، وصهرهما سوية بأحداث عملية الإعجاز من خلال النظم وحسن التأليف ، وكأنه يلمح بل
يصرح بأسبقية المعاني في النفس على الألفاظ .
ومهما يكن من أمر فإن هذه المعركة قد
انتهت بفصل العلاقات بين الفكر واللغة فعادت اللغة رموزاً تحتاج إلى الحل بما اشار
إليه عبد القاهر : إن اللغة تجري مجرى العلامات والسمات ، ولا معنى للعلامة أو
السمة حتى يحتمل الشيء ما جعلت العلامة دليلاً عليه ، وعاد الفكر بهذا التقسيم مستقلاً في
تصوره المعاني.
ومن هنا نشأت الحاجة إلى الصورة الفنية
باعتبارها أداة لها طريقتها الخاصة في عرض المعاني مقترنة بألفاظ ليتفاعل المتلقي
للنص الأدبي وهو مرتبط بجزئيه في وقت واحد ، فلا فصل بينهما ولا يتميز أحدهما عن
الآخر ، فيكتسب ـ حينذاك ـ العمل الأدبي مناخاً يشعرك بالتئام اللغة والفكر بإطار
موحد ينهض بسبب النص وتحديده ، ويلفت الانتباه إلى طبيعة المعنى في عرضه وأسلوبه
منسجماً مع سلسلة الألفاظ المشيرة إلى المعاني ، غير منفصل عنها في حال من الأحوال
، وهنا يندفع المتلقي نحو السير وراء الصورة في استكناه العلاقات القائمة بين
اللغة والفكرة ، أو اللفظ والمعنى. أو الشكل والمضمون ، ويكون طريق كشف هذه
العلاقات هو التنقل في استنباط المعاني من سبل صياغتها في التشبيه والاستعارة
والتمثيل والمجاز ، لتقيم الدليل على الذهني بالحسي وتلخص إلى القيمة من خلال
الظاهر إلى الواقع ، ومن مجاز القول إلى الحقيقة ، ومن التعبير الاستعاري إلى
الأصل الاستعمالي ، ومن النظر في المشبه به لإدراك شأن المشبه ، ومن التمثيل إلى
كنه الشيء ، وهذه هي مجموعة العلاقات في التناسب واللحمة التي تبنى عليها أصول
الصورة الفنية.