الموصل والدير كلاهما. اما عبد الكريم نفسه فقد دُفِع وانصاره باتجاه المنتفق وهناك هاجمهم ناصر باشا الذي كان بأنتظارهم فأسر عبد الكريم بعد ان جرح في المعركة ثم ارسل إلى مدحت باشا ، وقام هذا بدوره بارسال هذا الشيخ السئ الحظ إلى الموصل لمحاكمته هناك فحوكم من قبل محكمة عسكرية قضت باعدامه فصلب فوراً وعلق على الجسر القائم على نهر دجلة ليكون عبرة لغيره من العرب المتمردين ، اما شيخ شمر السابق فقد حصل على لقب باشا وراتب سنوي مقداره ٠٠٠ر٣٠ روبل واخذ على عاتقه مسؤولية المحافظة على الهدوء بين شمر وسكن في قلعة الشرقاط خصيصاً لكي يحبب ابناء عشيرته في زراعة الارض على ضفاف دجلة.
لقد انتهى بتهدئة شمر جربة العمل الاساس لمدحت باشا في مجال اخضاع عرب العراق بشكل تام للنظام العثماني الجديد واصبح بامكانه ان يفكر بنشر سلطة الدولة العثمانية على القبائل البدوية التي كانت تنتقل في الصحراء السورية إلى جوار العراق. وكانت الخطوات الاولى في مجال حماية وادي الفرات من غارات القبائل البدوية قد اتخذت منذ ١٨٦٢ ، فقد سار عمر باشا والي حلب انذاك هابطاً مع الفرات فأحتّل المدينتين الوحيدتين اللتين كان يسكنهما سكان دائميون ونعني جابر والدير ووضع فيهما حاميتين عثمانيين. وقد اتخذت الدير مقراً لمتصرف دير الزور التابع لحلب وتم بناء عدد من القلاع على طول النهر بين الدير وحلب وقد امنت هذه القلاع للدولة العثمانية السيطرة على وادي الفرات الاعلى (١). وجاء مدحت باشا فاتم هذا المشروع ووضع وادي الفرات الاوسط تحت سيطرة
__________________
(١) Blunt, Bedouin tribes of the Euphrates, vol II, p. ١٨١.