ذلك الوقت معزولة عن بقية العالم ، باسطنبول وكذلك باوربا والهند الأمر الذي كان له أهمية كبيرة لا من وجهة النظر السياسية فحسب بل من ناحية تأثيره الايجابي على تطور علاقات العراق التجارية باسواق الهند واوربا.
لقد كان انشاء الملاحة في دجلة وبناء خطوط التلغراف اضافتين ضروريتين للاجراء المهم الاخر الذي تم بموجب الاتفاقات التجارية الجديدة التي عقدتها الدولة العثمانية مع الدول الاجنبية ابتداء من نيسان ١٨٦١ ونعني الغاء الضرائب الداخلية جميعاً. فقد عمد الباب العالي ، بعد ان حصل على موافقة الدول على ذلك ، إلى رفع الضريبة المفروضة على البضائع الاجنبية المستوردة من ٥% إلى ٨% من قيمة البضاعة والتزم في مقابل ذلك بالغاء جميع الحواجز والضرائب الكمركية الداخلية أو ما يسمى بـ «قره كمرك» وهي ضرائب كانت تؤدي إلى فرض تكاليف اضافية على البضاعة المستوردة تتراوح ما بين ١٥% - ٥٠% من قيمتها. وقد اعتبر هذا الاجراء مفيداً للعراق الجنوبي بشكل خاص لان جباية الضرائب الداخلية فيه كانت في الغالب تمنح بالالتزام للشيوخ العرب المحلين الذين كانوا يسببون للتجارة الكثير من المضايقة (١).
وفي نفس الوقت الذي كان العراق الجنوبي يشهد فيه انقلاباً حاسماً باتجاه الاصلاحات الحضارية كان السلطان الجديد عبدالعزيز الذي خلف السلطان عبد المجيد بعد وفاته في حزيران ١٨٦١ يواصل اقتفاء اثر سلفه صاحب الميثاقين العثمانيين الليبراليين المشهورين خطي شريف كلخانه وخطي همايون ، وكان قانون الولايات لسنة ١٨٦٤ اولى مظاهر النشاط الاصلاحي للعهد الجديد. وقد اعطى القانون المذكور لاقاليم الدولة
__________________
(١) تيشير كوف ، المصدر السابق ص ٤٧.