والمشهور أنّه بمعنى يوم الجزاء ، وهو قريب من الأوّل ، يقال :
«كما تدين تدان» أي كما تجزي تجزى ، ويقال : «الحقّ ديّان» أي يجزي العباد بأعمالهم ... إلى آخره.
ويؤيّده قوله تعالى : (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) (١) و (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢).
ونقل الطبرسيّ عن الجبّائيّ أنّه تعالى أراد به يوم الجزاء على الدين.
وعن محمّد بن كعب أنّه أراد منه يوم لا ينفع إلّا الدين. فتأمّل.
وبالجملة : هذا اليوم يوم لا ينفع مال ولا بنون ، ويوم يفرّ المرء من أخيه وأمّه وأبيه وفصيلته الّتي تؤويه ، ويوم يقوم الأنبياء حيارى وهم بأنفسهم خائفون ، وعند الميزان قائمون ، فويل لنا وواها منّا ، كيف لا نتذكّر يوم تبلى السرائر ، وتهتك الأستار.
وفي «مصباح الشريعة» : لو لم يكن للحساب مهولة إلّا حياء العرض على الله وفضيحة هتك الستر على المخفيّات لحقّ للمرء أن لا يهبط من رؤوس الجبال ، ولا يأوي إلى عمران ، ولا يأكل ولا يشرب ولا ينام عن اضطراب متّصل بالتلف (٣).
وفيه عن أبي ذرّ رحمه الله : ذكر الجنّة موت ، وذكر النار موت ، فواعجبا لنفس تحيا بين موتين.
__________________
(١) غافر : ١٧.
(٢) الجاثية : ٢٨.
(٣) مصباح الشريعة : ٨٥.