تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ) (١) (وَلَمْ يُولَدْ) لأنّ كلّ مولود محدث وجسم ، وهو قديم لا أوّل لوجوده وليس بجسم (٢). انتهى.
وفي أنوار التنزيل للبيضاويّ : (لَمْ يَلِدْ) لأنّه لم يجانس ولم يفتقر إلى ما يعينه أو يخلف عنه ، لامتناع الحاجة والفناء عليه. ولعلّ الاقتصار على لفظ الماضي لوروده ردّا على من قال : الملائكة بنات الله ، أو المسيح ابن الله ، أو ليطابق قوله (وَلَمْ يُولَدْ) وذلك لأنّه لا يفتقر إلى شيء ، ولا يسبقه عدم (٣). انتهى.
والظاهر أنّ وجه الاقتصار أنّ العلّيّة في عدم الولادة سابقا جارية فيما بعد وهي امتناع التغيير والحدوث عليه ، وقد ردّ الله على قريش في قولهم : إنّ الملائكة بنات الله ، وإنّه صاهر الجنّ فخرجت الملائكة بقوله تعالى في سورة الصافّات : (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ * أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ * أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ * أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ * ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَفَلا تَذَكَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ * فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ * سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ) (٤).
وقد حكى عن الجنّ أنّهم قالوا : إنّه (مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً) (٥).
__________________
(١) الأنعام ، ١٠١.
(٢) الكشّاف ٤ : ٨١٨.
(٣) أنوار التنزيل وأسرار التأويل ٢ : ٦٣١.
(٤) الصافّات : ١٤٩ ـ ١٥٩.
(٥) الجنّ : ٣.