و «متى» استفهام وسؤال عن الزمان ، والمراد بالوعد ما يشمل الوعيد ، و «اللام» فيه للعهد الحضوريّ أو الذكريّ لدلالة «وإليه تحشرون» على الحشر ، أو الخارجيّ وهو المعروف في مخاطبات الأنبياء مع الأمم في إرشادهم إلى الاعتقاد بالقيامة والحساب ، وإنكار الكفّار جميع ذلك ، وسؤالهم عن وقت ذلك تعنّتا واستهزاء ، ففي سورة الأعراف : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (١) ونحوها آيات أخرى دالّة على أنّ علم الساعة مخصوص بالله تعالى لا يعلمه سواه.
وفي الحقائق : قوله جلّت عظمته : (قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ) ففي مكنون علمه فيما جرى في الأزل عن الخليقة وإن كان صدّيقا مرسلا ، أو ملكا مقرّبا ، فيكون عنهم مستورا كما كان في ستر الأزل قبل الخلق ، ولو أمعنت النظر يا صاحبي في العلم فإنّ حقيقة العلم منفيّ عن الخلق ؛ إذا الخلق لا يعلم حقيقة الأشياء ، فإنّ حقيقة علم الأشياء لمنشئها لا غير ، وذلك قوله تعالى : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ) أثبت العلم بالحقيقة لنفسه.
قال يحيى بن معاذ : أخفى الله علمه في عباده ، فكلّ يتّبع أمره على جهة الإشفاق لا يعلم ما سبق له ، وبماذا يختم له ، وذلك قوله : (إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ). انتهى.
ويظهر منه أنّ «اللام» في «العلم» للجنس أو للاستغراق الحقيقيّ ، فمفاد
__________________
(١) الأعراف : ١٨٧.