وأمّا ما ورد من أنّ لكلّ سماء بابا وحجابا فهذه الأبواب غير مرئيّة [فلا] تدرك بالبصر.
والمراد بـ «كرّتين» ؛ أي رجعتين إدامة النظر لا التثنية ؛ أي ارجع النظر مرّة بعد مرّة ؛ إذ بالمرّتين لا ينقلب البصر خاسئا ؛ أي بعيدا عن نيل المراد ، ذليلا صاغرا. وهذا نظير قولهم : سعديك ولبّيك ، فإنّه يراد به أنّه كلّما دعوتني لأمر فأنا ذو إجابة وذو ثبات ، لا أنّي أجيبك إجابتين خاصّة.
و «الحسير» الكالّ الكليل العاجز عن الوصول إلى المطلوب ، وهو وجدان الفطور في السماوات.
قال الطبرسيّ رحمه الله : والتحقيق أنّ بصر هذا الناظر بعد الإعياء يرجع إليه بعيدا عن طلبته ، خائبا عن بغيته (١). انتهى.
فالمراد كمال المبالغة في عدم إمكان مشاهدة الفطور لمن يكرّر النظر لمشاهدته.
والمراد بالخطابات في هذه الآية ، إمّا المخاطب المعيّن ، وهو شخص الرسول صلّى الله عليه وآله بعينه ؛ كما هو ظاهر الخطاب ، نظرا إلى أنّ أصل الخطاب أن يكون لمعيّن مطلقا واحدا كان أو كثيرا ، فإنّه وضع لتوجيه الكلام إلى الحاضر.
وإمّا كلّ من هو قابل للخطاب على سبيل البدل ، فإنّه قد يترك الخطاب مع المعيّن إلى غيره ليعمّ كلّ مخاطب ؛ كما في قوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذِ
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٤٠٩.