ولقائه ، ولذّة خطابه ومناجاته خير من جميع الحظوظ ، بقوله : (قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ) ، وفيه تأديب المريدين حين اشتغلوا عن صحبة المشايخ بخلواتهم وعباداتهم لطلب الكرامات ، ولم يعلموا أنّ ما يجدون في خلواتهم بالإضافة إلى ما يجدون في صحبة مشايخهم قليل.
قال سهل : من شغله عن ربّه شيء من الدنيا والآخرة فقد أخبر عن خسّة نفسه ، ورذالة همّته ، لأنّ الله فتح له الطريق إليه ، وأذن له في مناجاته ، فاشتغل بما يفنى عمّا لم يزل ولا يزال ، قال سهل في قوله (ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ) : ما أخّر لكم في الآخرة خير ممّا أعطاكم في الدنيا.
قال الأستاذ : ما عند الله للعباد والزهّاد غدا خير ممّا نالوه من الدنيا نقدا ، وما عند الله للعارفين نقدا من واردات القلوب وبوادي الحقيقة خير ممّا يوصل في المستأنف. انتهى.
قوله : (وَإِذا رَأَوْا) إلى آخره ، أي إذا شاهدوا وعاينوا ؛ من الرّؤية بالعين. ولذا عدّي إلى مفعول واحد كما في قولك : «زيدا إذا أبصرته» ، وقد يفسّر بإذا علموا ، وفيه نظر ، لأنّه يتعدّى إلى إثنين ؛ فتدّبر.
و «التجارة» بالكسر : طلب الربح بالبيع والشراء ونحوهما من العناوين المعروفة.
و «اللهو» ما يشغلك عن ذكر الله من الأباطيل والملاهي ، أو ما لا يترتّب عليه نفع دنيويّ عقلائيّ ، وإن ترتّب عليه نفع خياليّ وهميّ.
قوله : (انْفَضُّوا إِلَيْها) أي انصرفوا إلى جانبها ومحلّها ، وفي «المجمع» :