وبياض أكفانه ، وكلّ ذلك في التراب ، كذلك لا يغني عنكم بهجة دنياكم الّتي زيّنت لكم وكلّ ذلك إلى سلب وزوال ، ماذا يغني عنكم نقاء أجسادكم وصفاء ألوانكم وإلى الموت تصيرون ، وفي التراب تنسون ، وفي ظلمة القبر تغمرون ... (١) إلى آخره. انتهى.
وفي تفسير «حقائق القرآن» بعد ذكر الآية : جرّب الله تعالى شأنه المدّعين في محبّته بالموت ، وأفرز الصادقين من بينهم لما غلب عليهم من شوق الله وحبّ الموت ، فتبيّن صدق الصادقين هاهنا من كذب الكاذبين ؛ إذ الصادق يختار اللحوق إليه ، والكاذب يفرّ منه. قال صلّى الله عليه وآله : من أحبّ لقاء الله ... (٢) إلى آخره.
قال الجنيد : المحبّ يكون مشتاقا إلى مولاه ، فهو يتمنّى الموت أبدا وذلك قوله : (إِنْ زَعَمْتُمْ) ... إلى آخره. انتهى.
لا يقال : إنّ الموت عدم والعاقل لا يختار العدم على الوجود.
لأنّا نقول : أوّلا نمنع كونه عدما ، لأنّ الله نصّ في كتابه بأنّه (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ) (٣).
وقال الباقر عليه السلام : الحياة والموت خلقان من خلق الله ، فإذا جاء الموت فدخل في الإنسان لم يدخل في شيء إلّا وقد خرجت منه الحياة (٤).
وثانيا : إنّ الحياة الحقيقيّة في هذا الموت كما قيل :
__________________
(١) تحف العقول : ٥٠٥.
(٢) مصباح الشريعة : ١٧١.
(٣) الملك : ٢.
(٤) الكافي ٣ : ٢٥٩.