كتبا كبارا من كتب العلم ، فهو يمشي بها ولا يدري منها إلّا ما يمرّ بجنبيه وظهره من الكدّ والتعب ، وكلّ من علم ولم يعمل بعلمه فهذا مثله وبئس المثل (١). انتهى.
وقال الأصمعيّ : إنّ الأسفار جمع السفر ، وهو الكتاب الكبير ، لأنّه يسفر عن المعنى إذا قرئ ، ونظيره شبر وأشبار ؛ شبّه اليهود ـ إذا لم ينتفعوا بما في التوراة ، وهي دالّة على الإيمان لمحمّد صلّى الله عليه وآله ـ بالحمار الّذي يحمل الكتب العلميّة ولا يدري ما فيها. انتهى.
وقوله «يحمل» جملة حاليّة ، فهي في محلّ النصب ، وقد يقال : إنّها وصفيّة في محلّ الجرّ.
واعترض عليه باشتراط التنكير في الموصوف بالجمل ، فإنّها نكرات ، وردّ بأنّ «اللام» في الحمار للجنس ، وهو نكرة كما في قوله :
ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني
والحقّ جواز الوجهين.
و «اللام» في «القوم» إمّا للعهد الذكريّ وإمّا للجنس ، فالمخصوص بالذمّ محذوف ، أي مثلهم. وقد يقال : إنّ التقدير «بئس مثلا مثل القوم» كما في قولهم : «نعم رجلا زيد» فالمقصود أنّ كلّ من يحمل كلام الله ثمّ لا يعمل به فهو كالحمار.
وقد يقال : إنّ تشبيه العالم بالحمار سيّما في حمل الأسفار ليس من باب التحقير للعالم من حيث عدم عمله بعلمه ، بل من حيث عدم مبالاته وعدم قبوله الحقّ ، وبجهله مع كمال علمه ومعرفته ، كما شبّه الله بالأنعام كلّ من لم
__________________
(١) الكشّاف ٤ : ٥٣٠.