وكما أنّ تابوت بني إسرائيل كان مشتملا على صور الأنبياء كانت قلوب المؤمنين متّصفة بأخلاق الأنبياء وسيرتهم من الصفات الحميدة ، ومزيّنة بالعلوم الربّانيّة ، والأسرار الإلهيّة.
ولذا قيل : إنّ الآيات الّتي كانت في بني إسرائيل ظاهرة لا بدّ من وقوعها في هذه الامّة ولو في الباطن ، وقد روي مستفيضا أنّه صلّى الله عليه وآله قال : يكون في امّتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، والقذّة بالقذّة (١).
وفي بعض الروايات : أنّ تابوت بني إسرائيل كان هو الصندوق الّذي أنزله الله على آدم عليه السلام وفيه صور أولاده من الأنبياء والأولياء وغيرهم ، وقد عهد في محافظته إلى شيث ، وكان من بعده بيد من كان حاملا لنور خاتم الأنبياء صلّى الله عليه وآله.
وفي بعضها : أنّه الصندوق الّذي أنزله الله إلى أمّ موسى عليه السلام فوضعته فيه وألقته في اليمّ ، وكان في بني إسرائيل يتبرّكون به ، فلمّا حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه وما كان عنده من آيات النبوّة وأودعه يوشع وصيّه ، فلم يزل التابوت بينهم حتّى استخفّوا به وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات ، فلم يزل بنو إسرائيل في عزّ وشرف مادام التابوت بينهم ، فلمّا عملوا بالمعاصي واستخفّوا بالتابوت رفعه الله عنهم ، فلمّا سألوا النبيّ وبعث الله طالوت إليهم ملكا يقاتل ردّ الله عليهم التابوت (٢).
وقد اختلفوا في المراد من السكينة الّتي كانت في هذا التابوت على
__________________
(١) بحار الأنوار : ٣٦ : ٢٨٤ ؛ إلّا أنّ فيه بدل كلمة «يكون» ، كلمة «كائن».
(٢) راجع بحار الأنوار : ١٣ : ٤٣٩.