غيرك ما فعلته ، ولو خفت تعجيل العقوبة لاجتنبته ؛ لا لأنّك أهون الناظرين إليّ ، وأخفّ المطّلعين عليّ ، بل لأنّك يا ربّ خير الساترين ، وأحكم الحاكمين ، وأكرم الأكرمين ، ستّار العيوب ، غفّار الذنوب ، علّام الغيوب ، تستر الذنب بكرمك ، وتؤخّر العقوبة بحلمك ... (١) إلى آخره.
قوله : (لِيَغْفِرَ لَكَ) متعلّق بـ «فتحنا» وتعليل للفتح ، من غفره : إذا ستره ، وغفر الله له ذنبه : إذا غطّى عليه وعفا عنه.
و «الذنب» الإثم ، وفعل ما لا يحلّ.
فإن قيل : إنّ المعصوم كيف يكون مأثوما حتّى يغفر ذنبه؟
قلت : أما سمعت ما قيل من أنّ «وجودك ذنب لا يقاس به ذنب» فهو مأخوذ من قول الشاعر :
إذا قلت ما أذنبت قالت مجيبة |
|
حياتك ذنب لا يقاس به ذنب |
فلعلّ المراد من الذنب المنسوب إليه في الآية هو رؤية وجوده الشريف ، وعدم الفناء عنه بكلّيّته ، فإنّ ذلك وأمثاله يعدّ ذنبا عند المقرّبين ، فكم من حسنات للأبرار هي سيّئات للمقرّبين (٢) ، فالالتفات إلى غير الله كالاتّصاف بالنقائص الطبيعيّة البشريّة الّتي لا بدّ منها في عالم الناسوت ذنب يستغفر عنه أصفياء الله. ولذا كان صلّى الله عليه وآله يستغفر ربّه في كلّ يوم سبعين
__________________
(١) فقرة من دعاء أبي حمزة الثماليّ المأثور عن الإمام عليّ بن الحسين عليهما السلام ، معروف عند العامّ والخاصّ. راجع : مفاتيح الجنان للشيخ عبّاس القمّي.
(٢) إشارة إلى عبارة معروفة وجدتها في بيان العلّامة ، في البحار ٢٥ : ٢٠٥ وهي : حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين.