وخيار الاُمّة من كلّ
ما يرون من الخير ، إلى أنْ ظهرت الحروريّة المارقة ، فقاتلوا أمير المؤمنين علياً
ومَن معه ، فقتلهم بأمر الله تعالى ورسول الله (ص) ؛ طاعةً لقول النّبي (ص) : إنّ
الطائفة المارقة يقتلها أدنى الطائفتين إلى الحقِّ ، فكان علي بن أبي طالب ومَن
معه هم الذين قاتلوهم ؛ فدلَّ كلام النبي (ص) على أنّهم أدنى إلى الحقِّ من معاوية
ومَن معه .
وقال : كلّ فرقة من المتشيّعين مُقرّة
بأنّ معاوية ليس كفؤاً لعليّ (ع) بالخلافة ، ولا يجوز أنْ يكون خليفة مع إمكان
استخلاف عليّ (ع) ؛ فإنّ فضل عليّ وسابقته وعلمه ودينه وشجاعته وسائر فضائله ، كانت
عنده ظاهرة معروفة ، ولمْ يكن بقي من أهل الشورى غيره وغير سعد ، وقد ترك سعد هذا
الأمر ، وتوفّي عثمان فلمْ يبقَ لها معين إلا عليّ .
وقال الزيلعي ، المتوفّى سنة (٧٦٢) : كان
الحقُّ بيد عليّ (ع) في نوبته ، فالدليل عليه ؛ قول النّبي (ص) لعمّار : «تقتلك
الفئة الباغية» ، ولا خلاف أنّه كان مع علي (ع) وقتَله أصحاب معاوية. ثمّ قال : أجمعوا
على أنّ علياً كان مصيباً في قتال أهل الجمل ؛ وهم طلحة والزبير وعائشة ومَن معهم
، وأهل صفّين ؛ وهم معاوية وعسكره. ثمّ قال : لمّا ولي عليّ (ع) الخلافة ، وكان
معاوية بالشام قال : لا ألي له شيئاً ، ولا اُبايعه ، ولا أقدِم عليه .
وقال ابن القيّم الجوزيّة ، المتوفّى
سنة (٧٥١) : كان عليّ في وقته سابق الاُمّة وأفضلها ، ولمْ يكن فيهم حين وليها
أولى بها منه .
وقال أبو عبد الله بن محمّد بن مفلح
الحنبلي ، المتوفّى سنة (٧٦٣) : كان عليّ (ع) أقرب إلى الحقِّ من معاوية ، وأكثر
المنصفين في قتال أهل البغي يرى القتال من ناحية علي (ع) ، ومنهم من يرى الإمساك.
وقال ابن هبيرة في حديث أبي بكرة في ترك القتال في الفتنة ، أي في قتل عثمان : فأمّا
ما جرى بعده ، فلمْ يكن لأحد من المسلمين التخلّف عن عليّ (ع) ، ولمّا تخلّف عنه
سعد وابن عمر واُسامة ومحمد
__________________