خرجنا منك بالأهلين طرّاً |
|
رجعنا لا رجال ولا بنينا |
ثمّ أخذت زينب بنت أمير المؤمنين بعضادتي باب المسجد وصاحت : يا جَدّاه ، إنّي ناعية إليك أخي الحسين.
وصاحت سكينة : ياجَدّاه! إليك المشتكى ممّا جرى علينا ، فوالله ما رأيت أقسى من يزيد ، ولا رأيت كافراً ولا مشركاً شرّاً منه ولا أجفى وأغلظ ، فلقد كان يقرع ثغر أبي بمخصرته وهو يقول : كيف رأيت الضرب يا حسين (١).
وأقمن حرائر الرسالة المأتم على سيّد الشهداء ولبسن المسوح والسّواد ، نائحات الليل والنّهار ، والإمام السجّاد يعمل لهنّ الطعام (٢).
وفي حديث الصادق (ع) : «ما اختضبت هاشميّة ولا أدهنت ولا اُجيل مرود في عين هاشميّة خمس حجج حتّى بعث المختار برأس عبيد الله بن زياد» (٣).
وأما الرباب فبكت على أبي عبد الله حتّى جفّت دموعها فأعلمتها بعض جواريها بأنّ السّويق يسيل الدمعة ، فأمرت أنْ يُصنع لها السّويق لاستدرار الدموع (٤).
وكان من رثائها في أبي عبد الله (ع) (٥) :
إنَّ الذي كان نوراً يُسْتَضاء به |
|
بكربلاء قتيل غير مدفون |
سبط النّبيّ جزاك الله صالحة |
|
عنّا وجنبت خسران الموازين |
قد كنتَ لي جبلاً صعباً ألوذ به |
|
وكنتَ تصحبنا بالرحم والدّين |
مَنْ لليتامى ومَنْ للسائلين ومَنْ |
|
يغني وياوي إليه كلّ مسكين |
والله لا أبتغي صهراً بصهركمُ |
|
حتّى اُغَّيب بين الرمل والطِّين |
وأمّا علي بن الحسين (ع) فانقطع عن النّاس ؛ انحيازاً عن الفتن وتفرّغاً للعبادة
__________________
(١) رياض الأحزان ص ١٦٣.
(٢) محاسن البرقي ٢ ص ٤٢٠ ، باب الاطعام للمأتم.
(٣) مستدرك الوسائل ٢ ص ٢١٥ الباب الرابع والتسعون.
(٤) البحار ١٠ ص ٢٣٥ عن الكافي.
(٥) الأغاني ٢ ص ١٥٨.