وآله) (١) وظهر عليه السّرور في مجلسه ، فلَم يبال بإلحاده وكفره حين تمثّل بشعر ابن الزبعري ، وحتّى أنكر الوحي على رسول الله محمّد (ص) ، ولكنّه لمّا كثرت اللائمة عليه ووضح له الفشل والخطأ في فعلته التي لَم يرتكبها حتّى مَن لم ينتحل دين الإسلام وعرف المغزى من وصيّة معاوية إيّاه حيث قال له :
إنّ أهل العراق لن يدَعوا الحسين حتّى يخرجوه ، فإذا خرج عليك فاصفح عنه ؛ فإنّ له رحماً ماسة وحقّاً عظيماً (٢).
وعاب عليه خاصّته وأهل بيته ونساؤه ، وكان بمرأى منه ومسمع كلام الرأس الأطهر لمّا أمر بقتل رسول ملك الروم (لا حول ولا قوة إلا بالله) (٣) ولحديث الأندية عمّا ارتكبه من هذه الجريمة الشائنة والقسوة الشديدة دوي في أرجاء دمشق ، لَم يجد مناصاً من القاء التبعة على عاتق ابن زياد تبعيداً للسبَّة عنه ، ولكن الثابت لا يزول.
ولمّا خشى الفتنة وانقلاب الأمر عليه ، عجّل بإخراج الإمام السّجاد (ع) والعيال من الشام إلى وطنهم ومقرّهم ، ومكَّنهم ممّا يريدون ، وأمر النّعمان بن بشير وجماعة معه أنْ يسيروا معهم إلى المدينة مع الرفق (٤).
فلمّا وصلوا العراق قالوا للدليل : مُر بنا على طريق كربلاء ، فوصلوا إلى مصرع الحسين (ع) فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري وجماعة من بني هاشم ورجالاً من آل رسول الله ـ قد وردوا لزيارة قبر الحسين (ع) ـ فتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم ، وأقاموا في كربلاء ينوحون على الحسين (ع) (٥) ثلاثة أيّام (٦).
ووقف جابر الأنصاري على القبر فأجهش بالبكاء وقال : يا حسين (ثلاثاً) ثم قال :
حبيب لا يجيب حبيبه! وأنّى لك بالجواب وقد شحطت أوداجك على
__________________
(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ١٣٩.
(٢) تاريخ الطبري ٦ ص ١٨٠.
(٣) مقتل العوالم ص ١٥٠.
(٤) إرشاد المفيد.
(٥) اللهوف ص ١١٢ ، ومثير الاحزان لابن نما ص ٧٩ الطبعة الحجريّة.
(٦) رياض الأحزان ص ١٥٧.