وحسبك بالله حاكماً ، وبمحمّد (صلّى
الله عليه وآله) خصيماً ، وبجبرئيل ظهيراً ، وسيعلم مَن سوّل لك ومكّنك من رقاب
المسلمين ، بئس للظالمين بدلاً! وأيّكم شرٌّ مكاناً وأضعف جنداً.
ولئن جرّت عليَّ الدواهي مخاطبتك ، إني
لأستصغر قدرك وأستعظم تقريعك ، وأستكثر توبيخك ، لكن العيون عبرى ، والصدور حرّى.
ألا فالعجب كلّ العجب ، لقتل حزب الله
النّجباء ، بحزب الشيطان الطلقاء! فهذه الأيدي تنطف من دمائنا ، والأفواه تتحلّب من
لحومنا ، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل ، وتعفّرها اُمّهات الفراعل
، ولئن اتخذتنا مغنماً ، لتجدنا وشيكاً مغرما ، حين لا تجد إلاّ ما قدّمت يداك ، وما
ربّك بظلّام للعبيد ، وإلى الله المشتكى وعليه المعوّل.
فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصبْ جهدك ، فوالله
لا تمحو ذكرنا ، ولا تُميت وحينا ، ولا يرحض عنك عارها ، وهل رأيك إلاّ فند
وأيّامك إلاّ عدد ، وجمعك الا بدد؟ يوم ينادي المنادي : ألا لعنة الله على
الظالمين.
والحمد لله ربّ العالمين ، الذي ختم
لأولنا بالسّعادة والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة ، ونسأل الله أن يكمل لهم
الثواب ، ويوجب لهم المزيد ويُحسن علينا الخلافة ، إنّه رحيم ودود ، وحسبنا الله
ونعم الوكيل.
فقال يزيد :
يا صيحة تحمد من صوائح
|
|
ما أهون النّوح على النوائح
|
ومن جهْل يزيد وغيِّه وضلاله قوله بملء
فمه غير متأثّم ولا مستعظم يُخاطب مَن حضر عنده من ذؤبان أهل الشام : أتدرون من
أين أتى ابن فاطمة ، وما الحامل له على ما فعل ، والذي أوقعه فيما وقع؟ قالوا : لا
، قال : يزعم أنّ أباه خير من أبي ، واُمَّه فاطمة بنت رسول الله خير من اُميِّ ، وجدَّه
خيرٌ من جَدِّي ، وإنّه خيرٌ منِّي وأحقّ بهذا الأمر منِّي ، فأمّا قوله أبوه خيرٌ
من أبي فقد حاجَّ أبي أباه إلى الله عزَّ وجلَّ وعلم النّاس أيّهما حكم له ، وأمّا
قوله اُمّه خيرٌ من اُمّي فلَعمري إنّ فاطمة بنت رسول الله خيرٌ من اُمِّي ، وأمّا
قوله جدّه خيرٌ من جدِّي ، فلَعمري ما أحد يؤمن بالله واليوم الآخر وهو يرى أنّ
لرسول الله فينا عدلاً ولا نِدّاً ، ولكنّه